نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 14 صفحه : 144
مقام المناجاة والمسارة مع المحبوب يقتضي ذلك لأن مكالمة المحبوب لذيذة
ولذا ذكر أولا أنه عصاه ليرتب عليه منافعها العامة وهذه هي النكتة في ذكر أنها
عصاه.
وقد قدمنا في
ذيل الآية السابقة وجها آخر لهذا الاستفهام وجوابه وليس الكلام عليه من باب
الإطناب وخاصة بالنظر إلى جمعه سائر منافعها في قوله : « وَلِيَ فِيها مَآرِبُ
أُخْرى ».
قوله
تعالى : « قالَ أَلْقِها يا
مُوسى ـ إلى قوله ـ سِيرَتَهَا الْأُولى » السيرة الحالة والطريقة وهي في الأصل بناء نوع من السير كجلسة
لنوع من الجلوس.
أمر سبحانه
موسى أن يلقي عصاه عن يمينه وهو قوله : « قالَ أَلْقِها يا مُوسى » فلما ألقى العصا صارت حية تتحرك بجد وجلادة وذلك أمر
غير مترقب من جماد لا حياة له وهو قوله : « فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى » وقد عبر تعالى عن سعيها في موضع آخر من كلامه بقوله :
« رَآها
تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ » القصص : ٣١ ، وعبر عن الحية أيضا في موضع آخر بقوله : « فَأَلْقى عَصاهُ
فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ
» الأعراف ١٠٧ ، الشعراء
: ٣٢ والثعبان : الحية العظيمة.
وقوله : « قالَ خُذْها وَلا
تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا » أي حالتها « الْأُولى » وهي أنها عصا فيه دلالة على خوفه عليهالسلام مما شاهده من حية ساعية وقد قصه تعالى في موضع آخر إذ
قال : « فَلَمَّا
رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى
أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ » القصص : ٣١ ، والخوف وهو الأخذ بمقدمات التحرز عن الشر غير الخشية التي هي
تأثر القلب واضطرابه فإن الخشية رذيلة تنافي فضيلة الشجاعة بخلاف الخوف والأنبياء عليهمالسلام يجوز عليهم الخوف دون الخشية كما قال الله تعالى : « الَّذِينَ
يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ
» الأحزاب : ٣٩.
قوله
تعالى : « وَاضْمُمْ يَدَكَ
إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى » الضم الجمع ، والجناح جناح الطائر واليد والعضد والإبط ولعل المراد به المعنى
الأخير ليئول إلى قوله في موضع آخر : « أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ » والسوء كل رداءة وقبح قيل : كني به في الآية عن البرص والمعنى
أجمع يدك تحت إبطك أي أدخلها في جيبك تخرج بيضاء من غير برص أو حالة سيئة أخرى.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 14 صفحه : 144