responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 13  صفحه : 55

ولازم ذلك أن يكون مع كل إنسان من عمله ما يعين له حاله في عاقبة أمره معية لازمة لا يتركه وتعيينا قطعيا لا يخطئ ولا يغلط لما قضي به أن كل عمل فهو لصاحبه ليس له إلا هو وأن مصير الطاعة إلى الجنة ومصير المعصية إلى النار.

وبما تقدم يظهر أن الآية إنما تثبت لزوم السعادة والشقاء للإنسان من جهة أعماله الحسنة والسيئة المكتسبة من طريق الاختيار من دون أن يبطل تأثير العمل في السعادة والشقاء بإثبات قضاء أزلي يحتم للإنسان سعادة أو شقاء سواء عمل أم لم يعمل وسواء أطاع أم عصى كما توهمه بعضهم.

قوله تعالى : « وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً » يوضح حال هذا الكتاب قوله بعده : « اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً » حيث يدل أولا على أن الكتاب الذي يخرج له هو كتابه نفسه لا يتعلق بغيره ، وثانيا أن الكتاب متضمن لحقائق أعماله التي عملها في الدنيا من غير أن يفقد منها شيئا كما في قوله : « يَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها » الكهف : ٤٩ ، وثالثا أن الأعمال التي أحصاها بادية فيها بحقائقها من سعادة أو شقاء ظاهرة بنتائجها من خير أو شر ظهورا لا يستتر بستر ولا يقطع بعذر ، قال تعالى : « لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ » ق : ٢٢.

ويظهر من قوله تعالى : « يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ » آل عمران : ٣٠ أن الكتاب يتضمن نفس الأعمال بحقائقها دون الرسوم المخطوطة على حد الكتب المعمولة فيما بيننا في الدنيا فهو نفس الأعمال يطلع الله الإنسان عليها عيانا ، ولا حجة كالعيان.

وبذلك يظهر أن المراد بالطائر والكتاب في الآية أمر واحد وهو العمل الذي يعمله الإنسان غير أنه سبحانه قال : « وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً » ففرق الكتاب عن الطائر ولم يقل : « ونخرجه » لئلا يوهم أن العمل إنما يصير كتابا يوم القيامة وهو قبل ذلك طائر وليس بكتاب أو يوهم أن الطائر خفي مستور غير خارج قبل يوم القيامة فلا يلائم كونه ملزما له في عنقه.

وبالجملة في قوله : « وَنُخْرِجُ لَهُ » إشارة إلى أن كتاب الأعمال بحقائقها مستور عن

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 13  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست