responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 13  صفحه : 47

والأقوم أفعل تفضيل والأصل في الباب القيام ضد القعود الذي هو أحد أحوال الإنسان وأوضاعه ، وهو أعدل حالاته يتسلط به على ما يريده من العمل بخلاف القعود والاستلقاء والانبطاح ونحوها ثم كني به عن حسن تصديه للأمور إذا قوي عليها من غير عجز وعي وأحسن إدارتها للغاية يقال : قام بأمر كذا إذا تولاه وقام على أمر كذا أي راقبه وحفظه وراعى حاله بما يناسبه.

وقد وصف الله سبحانه هذه الملة الحنيفية بالقيام كما قال : « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ » الروم : ٣٠ ، وقال : « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ » الروم : ٤٣.

وذلك لكون هذا الدين مهيمنا على ما فيه خير دنياهم وآخرتهم قيما على إصلاح حالهم في معاشهم ، ومعادهم وليس إلا لكونه موافقا لما تقتضيه الفطرة الإنسانية والخلقة التي سواه الله سبحانه عليها وجهزه بحسبها بما يهديه إلى غايته التي أريدت له ، وسعادته التي هيئت لأجله.

وعلى هذا فوصف هذه الملة في قوله : «لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ » بأنها أقوم إن كان بقياسها إلى سائر الملل إنما هو من جهة أن كلا من تلك الملل سنة حيوية اتخذها ناس لينتفعوا بها في شيء من أمور حياتهم لكنها إن كان تنفعهم في بعضها فهي تضرهم في بعض آخر وإن كانت تحرز لهم شطرا مما فيه هواهم فهي تفوت عليهم شطرا عظيما مما فيه خيرهم ، وإنما ذلك الإسلام يقوم على حياتهم وبجميع ما يهمهم في الدنيا والآخرة من غير أن يفوته فائت فالملة الحنيفية أقوم من غيرها على حياة الإنسان.

وإن كان بالقياس إلى سائر الشرائع الإلهية السابقة كشريعة نوح وموسى وعيسى عليه‌السلام كما هو ظاهر جعلها مما يهدي إليها القرآن قبال ما تقدم من ذكر التوراة وجعلها هدى لبني إسرائيل فإنما هو من جهة أن هذه الملة الحنيفية أكمل من الملل السابقة التي تتضمنها كتب الأنبياء السابقين فهي تشتمل من المعارف الإلهية على آخر ما تتحمله البنية الإنسانية ومن الشرائع على ما لا يشذ منه شاذ من أعمال الإنسان الفردية والاجتماعية ، وقد قال تعالى : « وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ » المائدة ـ ٤٨ فما يهدي إليه القرآن أقوم مما يهدي إليه غيره من الكتب.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 13  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست