وعلى هذا
فالآيات مسرودة في صورة قصة واحدة اعترض فيها موسى على الخضر عليهالسلام ثلاث مرات واحدة بعد أخرى لا في صورة ثلاث قصص اعترض
فيها ثلاث اعتراضات كأنه قيل : وقع كذا وكذا فاعترض عليه ثم اعترض ثم اعترض فالقصة
قصة اعتراضاته فهي واحدة لا قصة أعمال هذا واعتراضات ذاك حتى تكون ثلاثا.
ومن هنا يتبين
وجه الفرق بين الآيات الثلاث حيث جعل « خَرَقَها » جواب إذا في الآية الأولى ، ولم يجعل « فَقَتَلَهُ » و «
فَوَجَدا » أو « فَأَقامَهُ » جوابا في الثانية والثالثة بل جزءا من الشرط معطوفا
عليه فافهم ذلك.
وقوله : « أَقَتَلْتَ نَفْساً
زَكِيَّةً » الزكية الطاهرة ، والمراد طهارتها من الذنوب لعدم البلوغ كما
يشعر به قوله : « غُلاماً » والاستفهام للإنكار ، والقائل موسى.
وقوله : « بِغَيْرِ نَفْسٍ » أي بغير قتل منها لنفس قتلا مجوزا لقتلها قصاصا وقودا
فإن غير البالغ لا يتحقق منه القتل الموجب للقصاص ، وربما استفيد من قوله : « بِغَيْرِ نَفْسٍ » أنه كان شابا بالغا ، ولا دلالة في إطلاق الغلام عليه
على عدم بلوغه لأن الغلام يطلق على البالغ وغيره فالمعنى أقتلت بغير قصاص نفسا
بريئة من الذنوب المستوجبة للقتل؟ إذ لم يظهر لهما من الغلام شيء يستوجبه.
وقوله : « لَقَدْ جِئْتَ
شَيْئاً نُكْراً » أي منكرا يستنكره الطبع ولا يعرفه المجتمع وقد عد خرق السفينة إمرا أي
داهية يستعقب مصائب لم يقع شيء منها بعد وقتل النفس نكرا أو منكرا وهو أفظع وأفجع
عند الناس من الخرق الذي يستوجب عادة هلاك النفوس لكن لا بالمباشرة فعلا.
قوله
تعالى : « قالَ أَلَمْ أَقُلْ
لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً » معناه ظاهر وزيادة « لَكَ » نوع تقريع له أنه لم يصغ إلى وصيته وإيماء إلى كونه
كأنه لم يسمع قوله له أول مرة : «
إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً » أو سمعه وحسب أنه لا يعنيه بل يقصد به غيره كأنه يقول
: إنما عنيت بقولي : إنك لن تستطيع « إلخ » إياك دون غيرك.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 13 صفحه : 345