نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 13 صفحه : 260
ويظهر بذلك أن
القائلين منهم : « رَبُّكُمْ
أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ » كانوا أعلى كعبا في مقام المعرفة من القائلين : « لَبِثْنا يَوْماً
أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ » ولم يريدوا بقولهم هذا مجرد إظهار الأدب وإلا لقالوا : ربنا أعلم بما
لبثنا ولم يكونوا أحد الحزبين اللذين أشار سبحانه إليهما بقوله فيما سبق : « ثُمَّ بَعَثْناهُمْ
لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً » فإن إظهار الأدب لا يسمى قولا وإحصاء ولا الآتي به ذا
قول وإحصاء.
والظاهر أن
القائلين منهم : « رَبُّكُمْ
أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ » غير القائلين : «
لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ » فإن السياق سياق المحاورة والمجاوبة كما قيل ولازمه
كون المتكلمين ثانيا غير المتكلمين أولا ولو كانوا هم الأولين بأعيانهم لكان من حق
الكلام أن يقال : ثم قالوا ربنا أعلم بما لبثنا بدل قوله : « رَبُّكُمْ أَعْلَمُ » إلخ.
ومن هنا يستفاد
أن القوم كانوا سبعة أو أزيد إذ قد وقع في حكاية محاورتهم « قالَ » مرة و « قالُوا » مرتين وأقل الجمع ثلاثة فقد كانوا لا يقل عددهم من
سبعة.
وقوله
تعالى : « فَابْعَثُوا
أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى
طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ » من تتمة المحاورة وفيه أمر أو عرض لهم أن يرسلوا رسولا
منهم إلى المدينة ليشتري لهم طعاما يتغذون به والضمير في « أَيُّها » راجع إلى المدينة والمراد بها أهلها من الكسبة
استخداما.
وزكاء الطعام
كونه طيبا وقيل : كونه حلالا وقيل : كونه طاهرا ووروده بصيغة أفعل التفضيل «أَزْكى طَعاماً » لا يخلو من إشعار بالمعنى الأول.
والضمير في « مِنْهُ » للطعام المفهوم من الكلام وقيل : للأزكى طعاما و « من
» للابتداء أو التبعيض أي ليأتكم من ذلك الطعام الأزكى برزق ترتزقون به ، وقيل : الضمير
للورق و « من » للبداية وهو بعيد لإحواجه إلى تقدير ضمير آخر يرجع إلى الجملة
السابقة وكونه ضمير التذكير وقد أشير إلى الورق بلفظ التأنيث من قبل.
وقوله تعالى :
«
وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً » التلطف إعمال اللطف والرفق وإظهاره فقوله : « وَلا يُشْعِرَنَّ
بِكُمْ أَحَداً » عطف تفسيري له والمراد على ما يعطيه السياق : ليتكلف اللطف مع أهل
المدينة في ذهابه ومجيئه ومعاملته لهم كي لا يقع خصومة أو منازعة لتؤدي إلى
معرفتهم بحالكم وإشعارهم بكم ، وقيل
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 13 صفحه : 260