responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 8

وأما ما اعترض عليه بعضهم أن التربية الإلهية بإخراج الناس من الظلمات إلى النور وإيصالهم إلى السعادة والكمال مشروطة بالتهيؤ والاستعداد مع كون الفيض عاما فالمقدار الممكن من هذه العاقبة على تقدير عمومه هو هذا المقدار.

ففيه أنه اعتراف بأن كون اللام للعاقبة خلاف ظاهر الآية ، فإن الذي ذكره لا يتم إلا بتقييد ( النَّاسَ ) بالمستعدين ، لكن الذي يجب أن يعلم أن هذا الغرض غرض تشريعي معناه أن للحكم غاية مقصودة وهي المصلحة التي يستعقبها ، فإن الله سبحانه يدعو الناس ليغفر لهم ويهديهم إلى الإيمان والعمل الصالح ليسعدهم بذلك ويدخلهم الجنة ، ويرسل الرسل وينزل عليهم الكتاب ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ، ويريد بما يوجهه إليهم من الأمر والنهي أن يطهرهم ويذهب عنهم رجز الشيطان ، والآيات الدالة على ذلك كثيرة لا موجب لإيرادها وكذا الروايات ولعلها تزهو الألوف.

وقد قال سبحانه : ( إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) الزخرف : ـ ٣ وقال : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) الآية : ـ ٤ من السورة ، فبين أن ما نعقله من كتابه ويظهر لنا من بيان رسوله حجة لا مناص عنه ، ونحن لا نعقل من قوله مثلا : ( يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ ) : إبراهيم : ـ ١٠ ، إلا أن المغفرة غرض الدعوة كما لا نعقل من قول السيد لعبده أو أي متبوع لتابعه : ايتني بماء لأشربه أو بغذاء لآكله أو اكس فلانا ليستر به عورته إلا أن الشرب والأكل وستر العورة أغراض لأوامرها ، فلله سبحانه فيما ينزله من الأحكام والشرائع أغراض وغايات مقصودة.

نعم بين سبحانه أن ساحته منزهة عن الفقر والحاجة مبرأة عن النقص والشين إذ قال : ( إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ) العنكبوت : ٦ ، وقال : ( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ) الأنعام : ١٣٣ وقال : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) : فاطر : ١٥ فأفاد أنه في غنى عن كل شيء لا ينتفع بشيء من هذه الأغراض وليست أفعاله تعالى بالعبث والجزاف حتى تخلو عن الغرض ، كيف؟ وقد وصف نفسه بالحكمة والحكيم لا يعبث ولا يجازف ، ونص على انتفاء العبث من فعله : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً )

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست