responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 42

فلا تزال الخلقة تقع مرحلة بعد مرحلة وتنال غاية بعد غاية حتى تتوقف في غاية لا غاية بعدها ، وذلك رجوعها إلى الله سبحانه ، قال تعالى : ( وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى ) النجم : ٤٢.

وبالجملة الفعل إنما يكون فعلا حقا إذا كان له أمر يقصده الفاعل بفعله وغاية يسلك بالفعل إليها ، وأما إذا كان فعلا لا يقصد به إلا نفسه من غير أن يكون هناك غرض مطلوب فهو الفعل الباطل ، وإذا كان الفعل الباطل ذا نظام وترتيب فهو الذي يسمى لعبا كما يلعب الصبيان بإتيان حركات منظمة مرتبة لا غاية لهم وراءها ولا أن لهم هما إلا إيجاد ما تخيلوه من صورة الفعل لشوق نفساني منهم إلى ذلك.

وفعله تعالى ملازم للحق مصاحب له فخلق السماوات والأرض يخلف عالما باقيا بعد زواله ، ولو لم يكن كذلك كان باطلا لا أثر له ولا خلف يخلفه ، وكان العالم المشهود بما فيه من النظام البديع لعبا منه سبحانه اتخذه لحاجة منه إليه كالتنفس من كرب وسأمة والتفرج من هم أو التخلص من وحشة وحدة ونحو ذلك وهو سبحانه العزيز الحميد لا تمسه حاجة ولا يذله فقر وفاقة.

وبما مر يظهر أن الباء في قوله : ( بِالْحَقِ ) للمصاحبة وأن قول بعضهم : إن الباء للسببية أو الآلة وإن المعنى كيف خلقها بقوله الحق أو للغرض الحق ليس على ما ينبغي.

قوله تعالى : ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ ) أي بشاق صعب والخطاب لعامة البشر بجعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مثالا لهم يمثلون به لأن الخطاب متوجه إليه في قوله قبل وبعد : ( أَلَمْ تَرَ ) ( وَما ذلِكَ ).

قد تقدم أن كون الخلقة بالحق هو مقتضى كونه تعالى عزيزا غنيا بالذات إذ لو لم يقتض غناه ذلك وأمكن صدور اللعب منه تعالى وكان هذا الخلق المشهود بما له من النظام البديع لعبا لا يقصد به إلا حدوث وفناء كان ذلك لشوق خيالي منه إليه وحاجة داخلية كتنفيس كرب وتفريج هم أو أنس عن وحشة وسأمة ونحو ذلك وغناه تعالى بالذات يدفع ذلك.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست