responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 373

ثم إن في قوله : ( بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) أخذا بالترتيب من حيث الأفراد فالحكمة مأذون فيها بجميع أفرادها ، والموعظة منقسمة إلى حسنة وغير حسنة والمأذون فيها منهما هي الموعظة الحسنة ، والمجادلة منقسمة إلى حسنة وغير حسنة ثم الحسنة إلى التي هي أحسن وغيرها والمأذون فيها منها التي هي أحسن ، والآية ساكتة عن توزيع هذه الطرق بحسب المدعوين بالدعوة فالملاك في استعمالها من حيث المورد حسن الأثر وحصول المطلوب وهو ظهور الحق.

فمن الجائز أن يستعمل في مورد جميع الطرق الثلاث وفي آخر طريقان أو طريق واحد حسب ما تستدعيه الحال ويناسب المقام.

ومنه يظهر أن قول بعضهم إن ظاهر الآية أن يجمع صلى‌الله‌عليه‌وآله في دعوته بين الطرق الثلاث ليس في محله إذ لا دليل على لزوم الجمع بينها بالنسبة إلى كل مدعو وأما بالنسبة إلى جميع المدعوين فهو حاصل.

وكذا ما ذكره بعضهم أن الطرق الثلاث المذكورة في الآية مترتبة حسب ترتب أفهام الناس في استعدادها لقبول الحق فمن الناس الخواص وهم أصحاب النفوس المشرقة القوية الاستعداد لإدراك الحقائق العقلية وشديدة الانجذاب إلى المبادئ العالية وكثيرة الألفة بالعلم واليقين فهؤلاء يدعون بالحكمة وهي البرهان.

ومنهم عوام وهم أصحاب نفوس كدرة واستعداد ضعيف مع شدة ألفتهم بالمحسوسات وقوة تعلقهم بالرسوم والعادات قاصرة عن تلقي البراهين من غير أن يكونوا معاندين للحق وهؤلاء يدعون بالموعظة الحسنة.

ومنهم أصحاب العناد واللجاج الذين يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق ويكابرون ليطفئوا نور الله بأفواههم رسخت في نفوسهم الآراء الباطلة ، وغلب عليهم تقليد أسلافهم في مذاهبهم الخرافية لا ينفعهم المواعظ والعبر ، ولا يهديهم سائق البراهين وهؤلاء هم الذين أمر بمجادلتهم بالتي هي أحسن.

وفيه أنه لا يخلو من دقة لكن لا ينتج اختصاص كل طريق بما يناسبه من مرتبة الفهم فربما انتفع الخواص بالموعظة والمجادلة وربما انتفعت العوام وهم الفاء العادات والرسوم بالمجادلة بالتي هي أحسن ، ولا دلالة في لفظ الآية على ما ذكر من التخصيص.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 373
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست