responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 367

والمعصية فله علم بما ارتكب ولذلك يؤاخذ ويعاقب على ما فعل وهو مع ذلك جاهل بحقيقة الأمر ولو تبصر تمام التبصر لم يرتكب.

والمراد بالجهالة في الآية هذا المعنى إذ لو كان المراد هو الأول وكان ما ذكر من عمل السوء مجهولا من حيث حكمه أو من حيث موضوعه لم يكن العمل معصية حتى يحتاج إلى التوبة فالمغفرة والرحمة.

والآية ـ كما تقدمت الإشارة إليه ـ متصلة بما قبلها متممة لمضمونها ، ومعنى الآيتين أنا لم نظلم بني إسرائيل في تحريم الطيبات التي حرمناها ، لهم بل هم الذين ظلموا أنفسهم حيث ارتكبوا المعاصي وأصروا عليها فأدى ذلك إلى تحريم الطيبات عليهم ، وبعد ذلك كله باب المغفرة والرحمة مفتوح وإن ربك للذين عملوا السوء أي عملوا عملا سوءا وهو السيئة بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا حتى يتبين التوبة وتستقر إن ربك من بعدها أي من بعد التوبة لغفور رحيم.

وفي تقييد التوبة أولا بالإصلاح ثم إرجاع الضمير أخيرا إليها وحدها في قوله : ( إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ ) دلالة على أن شمول المغفرة والرحمة من تبعات التوبة ، وأما الإصلاح فإنما هو لتبيين التوبة وظهور كونها توبة حقيقية ورجوعا جديا لا مجرد صورة خالية عن المعنى.

وقوله في ذيل الآية : ( إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها ) تلخيص لتفصيل قوله في صدرها : ( إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ ) إلخ ، وفائدته حفظ فهم السامع عن التشوش والضلال وإبراز العناية ببعدية المغفرة والرحمة بالنسبة إلى التوبة نظير ما مر من قوله : ( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ).

قوله تعالى : ( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) الآية ، وما يتلوها على اتصالها بما تقدم من حصر محرمات الأكل في الأربع وتحليل ما وراءها ، وهذه الآية إلى تمام أربع آيات بمنزلة التفصيل لما تقدمها كأنه قيل : هذا حال ملة موسى التي حرمنا فيها على بني إسرائيل بعض ما أحل لهم من الطيبات ، وأما هذه الملة التي أنزلناها إليك فإنما هي الملة التي تحقق بها إبراهيم فاجتباه الله وهداه إلى صراط مستقيم وأصلح بها دنياه وآخرته ، وهي ملة معتدلة جارية على الفطرة تحلل الطيبات

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 367
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست