responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 341

فكان من الأنسب أن يسند هذه التكاليف إلى مقام الجلالة ، ويقال بالالتفات من التكلم مع الغير إلى الغيبة : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) إلخ. ولذلك استمر السياق على هذا النسق في التكاليف التالية أيضا فقيل : ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ ) إلخ ، ( إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ ) إلخ ، ( وَلَوْ شاءَ اللهُ ) إلخ ، ( وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ) إلخ ، ( وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ ).

ثم رجع إلى السياق السابق وهو التكلم مع الغير فقال : ( وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا ) وجرى على ذلك حتى إذا بلغ قوله : ( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ ) وهو حكم التفت ثانيا فقال : ( فَاسْتَعِذْ بِاللهِ ) وأحسن ما يجلي المعنى الذي ذكرناه قوله تعالى بعده : ( وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ ) حيث جمع بين الأمرين فأسند تبديل آية مكان آية إلى ضمير التكلم والأعلمية إلى الله عز اسمه.

قوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ) إلى آخر الآية. وعد جميل للمؤمنين إن عملوا عملا صالحا وبشرى للإناث أن الله لا يفرق بينهن وبين الذكور في قبول إيمانهن ولا أثر عملهن الصالح الذي هو الإحياء بحياة طيبة والأجر بأحسن العمل على الرغم مما بنى عليه أكثر الوثنية وأهل الكتاب من اليهود والنصارى من حرمان المرأة من كل مزية دينية أو جلها وحط مرتبتها من مرتبة الرجل ووضعها وضعا لا يقبل الرفع البتة.

فقوله : ( مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) حكم كلي من قبيل ضرب القاعدة لمن عمل صالحا أي من كان وقد قيده بكونه مؤمنا وهو في معنى الاشتراط فإن العمل ممن ليس مؤمنا حابط لا يترتب عليه أثر ، كما قال تعالى : ( وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) المائدة : ٥ ، وقال : ( وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) : هود : ١٦.

وقوله : ( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً ) الإحياء إلقاء الحياة في الشيء وإفاضتها عليه فالجملة بلفظها دالة على أن الله سبحانه يكرم المؤمن الذي يعمل صالحا بحياة جديدة غير ما يشاركه سائر الناس من الحياة العامة ، وليس المراد به تغيير صفة الحياة فيه وتبديل الخبيثة من الطيبة مع بقاء أصل الحياة على ما كانت عليه ، ولو كان كذلك

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 341
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست