responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 302

أن يتمكن الصلاح من نفس الإنسان ثم ينبسط على أعماله فيلتزم الاعتدال في الأمور ثم يحب انبساطه على أعمال غيره من الناس فيأمرهم بالعدل وهو ـ كما عرفت ـ مطلق التجنب عن الإفراط والتفريط أي العمل الصالح أعم من العدل في الرعية.

ثم وصفه بقوله : ( وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) وهو السبيل الواضح الذي يهدي سالكيه إلى غايتهم من غير عوج ، والإنسان الذي هو في مسير حياته على صراط مستقيم يجري في أعماله على الفطرة الإنسانية من غير أن يناقض بعض أعماله بعضا أو يتخلف عن شيء مما يراه حقا وبالجملة لا تخلف ولا اختلاف في أعماله.

وتوصيف هذا الرجل المفروض الذي يأمر بالعدل بكونه على صراط مستقيم يفيد أولا أن أمره بالعدل ليس من أمر الناس بالبر ونسيان نفسه بل هو مستقيم في أحواله وأعماله يأتي بالعدل كما يأمر به.

وثانيا : أن أمره بالعدل ليس ببدع منه من غير أصل فيه يبتني عليه بل هو في نفسه على مستقيم الصراط ولازمه أن يحب لغيره ذلك فيأمرهم أن يلتزموا وسط الطريق ويجتنبوا حاشيتي الإفراط والتفريط.

وأما السؤال أعني ما في قوله : ( هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) إلخ ، فهو سؤال لا جواب له إلا النفي لا شك فيه وبه يثبت أن ما يعبدونه من دون الله من الأصنام والأوثان وهو مسلوب القدرة لا يستطيع أن يهتدي من نفسه ولا أن يهدي غيره لا يساوي الله تعالى وهو على صراط مستقيم في نفسه هاد لغيره بإرسال الرسل وتشريع الشرائع.

ومنه يظهر أن هذا المثل المضروب في الآية في معنى قوله تعالى : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) يونس : ٣٥ فالله سبحانه على صراط مستقيم في صفاته وأفعاله ، ومن استقامة صراطه أن يجعل لما خلقه من الأشياء غايات تتوجه إليها فلا يكون الخلق باطلا ، كما قال : ( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ) وأن يهدي كلا إلى غايته التي تخصه كما خلقها وجعل لها غاية كما قال : ( الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى ) : طه : ٥٠ فيهدي الإنسان إلى سبيل قاصد كما قال : ( وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) النحل : ٩ ، وقال

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست