responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 293

وقوله : ( أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ) هذا من مضمون الوحي الذي أوحي إليه ، والظاهر أن المراد بما يعرشون هو ما يبنون لبيوت العسل.

وقوله : ( ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ) الأمر بأن تأكل من كل الثمرات مع أنها تنزل غالبا على الأزهار إنما هو لأنها إنما تأكل من مواد الثمرات أول ما تتكون في بطون الأزهار ولما تكبر وتنضج.

وقوله : ( فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً ) تفريعه على الأمر بالأكل يؤيد أن المراد به رجوعها إلى بيوتها لتودع فيها ما هيأته من العسل المأخوذ من الثمرات وإضافة السبل إلى الرب للدلالة على أن الجميع بإلهام إلهي.

وقوله : ( يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ) إلخ ، استئناف بعد ذكر جملة ما أمرت به يبين فيه ما يترتب على مجاهدتها في امتثال أمر الله سبحانه ذللا وهو أنه يخرج من بطونها أي بطون النحل ( شَرابٌ ) وهو العسل ( مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ) بالبياض والصفرة والحمرة الناصعة وما يميل إلى السواد ( فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ) من غالب الأمراض.

وتفصيل القول في حياة النحلة هذه الحشرة الفطنة التي بنت حياتها على مدنية عجيبة فاضلة لا تكاد تحصى غرائبها ولا يحاط بدقائقها ثم الذي تهيئه ببالغ مجاهدتها وما يشتمل عليه من الخواص خارج عن وسع هذا الكتاب فليراجع في ذلك مظان تحقيقه.

ثم ختم الآية بقوله : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) وقد اختلف التعبير بذلك في هذه الآيات فخص الآية في إحياء الأرض بعد موتها بقوم يسمعون ، وفي ثمرات النخيل والأعناب بقوم يعقلون ، وفي أمر النحل بقوم يتفكرون.

ولعل الوجه في ذلك أن النظر في أمر الموت والحياة بحسب طبعه من العبرة والموعظة ، وهي بالسمع أنسب ، والنظر في الثمرات من حيث ما ينفع الإنسان في وجوده من السير البرهاني من مسلك اتصال التدبير وارتباط الأنظمة الجزئية ورجوعها إلى نظام عام واحد لا يقوم إلا بمدبر واحد وهو للعقل أنسب ، وأمر النحل في حياتها يتضمن دقائق عجيبة لا تنكشف للإنسان إلا بالإمعان في التفكر فهو آية للمتفكرين.

وقد أشرنا سابقا إلى ما في آيات السورة من مختلف الالتفاتات ، وعمدتها في هذه الآيات ترجع إلى خطاب المشركين رحمة لهم وإشفاقا بحالهم وهم لا يعلمون ، والإعراض

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 293
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست