responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 267

يأخذه غفلة وذهول.

وإذ كان الكبرياء والعلو لله جميعا فدعواه الكبرياء والعلو تغلب منه على ربه وغصب منه لمقامه واستكبار واستعلاء عليه دعوى ، وهذا هو الاستكبار بحسب الذات ويتبعه الاستكبار بحسب الفعل وهو أن لا يأتمر بأمره ولا ينتهي عن نهيه فإنه ما لم ير لنفسه إرادة مستقلة قبال الإرادة الإلهية مغايرة لها لم ير لنفسه أن يخالفه في أمره ونهيه.

وعلى هذا فقوله : ( وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) في تعريف الملائكة والكلام في سياق العبودية دليل على أنهم لا يستكبرون على ربهم فلا يغفلون عنه تعالى ولا يذهلون عن الشعور بمقامه ومشاهدته.

وقد أطلق نفي الاستكبار من غير أن يقيده بما بحسب الذات أو بحسب الفعل فأفاد أنهم لا يستكبرون عليه في ذات ولا فعل أي لا يغفلون عنه سبحانه ولا يستنكفون عن عبادته ولا يخالفون عن أمره ، ولبيان هذا الإطلاق والشمول عقبه بيانا له بقوله : ( يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ) وأشار بذلك إلى نفي الاستكبار عنهم ذاتا وفعلا.

توضيح ذلك أن قوله : ( يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ) يثبت لهم الخوف من ربهم والله سبحانه ليس عنده إلا الخير ولا شر عنده ولا سبب شر يخاف منه إلا أن يكون الشر وسببه عند العبد وقد أخذ متعلق الخوف هو ربهم لا عذابه تعالى أو عصيان أمره كما في قوله : ( وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ ) : إسراء : ٥٧.

فهذه المخافة هي المخافة منه تعالى وهو وإن لم يكن عنده إلا الخير ، والخوف إنما يكون من شر مترقب إلا أن حقيقته التأثر والانكسار والصغار وتأثر الضعيف قبال القوي الظاهر بقوته ، وانكسار الصغير الوضيع أمام الكبير المتعال القاهر بكبريائه وتعاليه ضروري فمخافتهم هي تأثرهم الذاتي عما يشاهدونه من مقام ربهم ولا يغفلون عنه قط.

ويؤيد ما ذكرناه تقييد قوله : ( يَخافُونَ رَبَّهُمْ ) بقوله ( مِنْ فَوْقِهِمْ ) فإن فيه إشارة إلى أن كونه تعالى فوقهم قاهرا لهم متعاليا بالنسبة إليهم هو السبب في

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست