نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 12 صفحه : 257
وفيه أن
الاستدلال المذكور بالآية إنما هو بقوله : ( وَما أَرْسَلْنا ) وهذا الفعل كما يتعلق في القرآن بالرسول كذلك يتعلق
بالنبي غير الرسول قال تعالى : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ
قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ ) الآية فلو تم الاستدلال المذكور لدل على حرمان الأطفال
والنساء عن الرسالة والنبوة جميعا ، وقد حكى الله عن عيسى عليهالسلام قوله : ( إِنِّي عَبْدُ اللهِ
آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) مريم : ٣٠ وقال في يحيى عليهالسلام : ( وَآتَيْناهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا ) : مريم : ١٢.
والحق أن الآية
: ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ
قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً ) إنما هي في مقام بيان أن الرسل كانوا رجالا من البشر
العادي من غير عناية بكونهم أول ما بعثوا للرسالة أفرادا بالغين مبلغ الرجال
فالغرض أن نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ويحيى عليهالسلام ـ وهم رسل ـ كانوا رجالا يوحى إليهم ولم يكونوا أشخاصا
مجهزين بقدرة قاهرة غيبية وإرادة إلهية تكوينية.
ويقرب من الآية
قوله تعالى : في موضع آخر : ( وَما أَرْسَلْنا
قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ
كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما
كانُوا خالِدِينَ ) الأنبياء : ٨.
وقوله : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ ) الظاهر أنه خطاب للنبي صلىاللهعليهوآله ولقومه ، وقد كان الخطاب في سابق الكلام للنبي صلىاللهعليهوآله خاصة والمعنى موجه إلى الجميع فهو تعميم الخطاب للجميع
ليتخذ كل من المخاطبين سبيله فمن كان لا يعلم ذلك كبعض المشركين راجع أهل الذكر
وسألهم ومن كان يعلم ذلك كالنبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين به كان في غنى عن الرجوع والسؤال.
وقيل : إن
الخطاب في الآية للمشركين فإنهم هم المنكرون فليرجعوا وليسألوا وفيه أن لازم ذلك
كون الجملة التفاتا من خطاب الفرد إلى خطاب الجميع ولا نكتة ظاهرة تصحح ذلك والله
أعلم.
والذكر حفظ معنى الشيء أو استحضاره ، ويقال لما به يحفظ أو
يستحضر قال الراغب في المفردات : الذكر تارة يقال ويراد به هيئة للنفس بها يمكن
للإنسان أن يحفظ
( ١٢ ـ الميزان
ـ ١٧ ـ )
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 12 صفحه : 257