نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 12 صفحه : 245
أن الخطاب للذين أشركوا القائلين : ( لَوْ شاءَ اللهُ ما
عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ) والالتفات إلى خطابهم لكونه أشد تأثيرا في تثبيت القول
وإتمام الحجة.
والكلام متفرع
على ما بين جوابا لحجتهم إجمالا وتفصيلا ومحصل المعنى أن الرسالة والدعوة النبوية
ليست من الإرادة التكوينية الملجئة إلى ترك عبادة الأصنام وتحريم ما لم يحرمه الله
حتى يستدلوا بعدم وجود الإلجاء على عدم وجود الرسالة وكذب مدعيها بل هي دعوة عادية
بعث الله سبحانه بها رسلا يدعونكم إلى عبادة الله واجتناب الطاغوت وحقيقته الإنذار
والتبشير ، ومن الدليل على ذلك آثار الأمم الماضية الظالمة التي تحكي عن نزول
العذاب عليهم فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين حتى يتبين لكم أن
الدعوة النبوية التي هي إنذار حق وأن الرسالة ليست كما تزعمون.
قوله
تعالى : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا
يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ ) لما بين أن الأمم الماضين انقسموا طائفتين وكانت إحدى
الطائفتين هم الذين حقت عليهم الضلالة وكانت هؤلاء الذين أشركوا وقالوا ما قالوا
كالذين من قبلهم منهم بين في هذه الآية أن ثبوت الضلالة في حقهم إنما هو ثبوت لا
زوال معه وتحتم لا يقبل التغيير فإنه لا هادي بالحقيقة إلا الله فإن جاز هداهم كان
الله هو هاديهم لكنه لا يهديهم فإنه يضلهم ولا يجتمع الهدى والضلال معا ، وليس
هناك ناصر ينصرهم على الله فيقهره على هداهم فليؤيس منهم.
ففي الآية
تعزية للنبي صلىاللهعليهوآله وإرشاد له أن لا يحرص في هداهم وإعلام له أن القضاء قد
مضى في حقهم وما يبدل القول لديه وما هو بظلام للعبيد.
فقوله : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ ) إلخ ، في تقدير إن تحرص على هداهم لم ينفعهم حرصك شيئا
فليسوا ممن يمكن له الاهتداء فإن الله هو الذي يهدي من اهتدى ، وهو لا يهديهم فإنه
يضلهم ولا يناقض تعالى فعل نفسه ، وليس لهم ناصرون ينصرونهم عليه.
وفي هذه الآيات
الثلاث مشاجرات طويلة بين المجبرة والمفوضة وكل يفسرها بما يقتضيه مذهبه حتى قال
الإمام الرازي : إن المشركين أرادوا بقولهم : ( لَوْ شاءَ اللهُ ما
عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ) إلخ ، أنه لما كان الكل من التوحيد والشرك والهدى
والضلال
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 12 صفحه : 245