responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 243

لا إلجاء واضطرارا تكوينيا ، ولا أن للرسول أن يدعي ذلك حتى يرد عليه أنه لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء وإذ لم يشأ فلا معنى للرسالة.

ومن هنا يظهر أن قول بعضهم إن التقدير ليقول لهم : اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. ليس في محله.

وقوله : ( فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) أي كانت كل من هذه الأمم مثل هذه الأمة منقسمة إلى طائفتين فبعضهم هو من هداه الله إلى ما دعاهم إليه الرسول من عبادة الله واجتناب الطاغوت.

وذلك أن الهداية من الله سبحانه لا يشاركه فيها غيره ولا تنسب إلى أحد دونه إلا بالتبع كما قال : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) القصص : ٥٦ وسنشير إليه في الآية التالية : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ ) والآيات في حصر الهداية فيه تعالى كثيرة ، ولا يستلزم ذلك كونها أمرا اضطراريا لا صنع فيه للعبد أصلا فإنها اختيارية بالمقدمة كما يشير إليه قوله : ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت : ٦٩ يفيد أن للهداية الإلهية طريقا ميسرا للإنسان وهو الإحسان في العمل وإن الله لمع المحسنين لا يدعهم يضلون.

وبعض هذه الأمم ـ الطائفة الثانية منهم ـ هو من حقت عليه الضلالة أي ثبتت ولزمت ، وهذه الضلالة هي التي من قبل العبد بسوء اختياره وليس بالتي تتبعها مجازاة من الله فإن الله يصفها بقوله : ( حَقَّتْ ) ثم يضيفها في الآية التالية إلى نفسه إذ يقول : ( فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ ) فقد كانت هناك ضلالة ثم حقت وثبتت بإثبات الله مجازاة فصارت هي التي من قبل الله سبحانه مجازاة ، فتبصر.

ولم ينسب الله سبحانه في كلامه إلى نفسه إضلالا إلا ما كان مسبوقا بظلم من العبد أو فسق أو كفر وتكذيب أو نظائرها كقوله : ( وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) الجمعة : ٥ وعدم الهداية هو الإضلال ، وقوله : ( وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ ) إبراهيم : ٢٧ وقوله : ( وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ ) البقرة : ٢٦ وقوله : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ ) النساء : ١٦٨ وقوله : ( فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ ) الصف : ٥ إلى غير ذلك من الآيات.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست