نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 12 صفحه : 228
جديد من الكلام حول أعمال الكفار من أقوالهم وأعمالهم الناشئة عن عدم
إيمانهم بالله سبحانه وإنما ذكر عدم إيمانهم بالآخرة ولم يذكر عدم إيمانهم بالله
وحده لأن الذي أقيمت عليه الحجة هو التوحيد الكامل وهو وجوب الاعتقاد بإله عليم
قدير خلق كل شيء وأتم النعمة لا لغوا باطلا بل بالحق ليرجعوا إليه فيحاسبهم على ما
عملوا ويجازيهم بما اكتسبوا مما عهده إليهم من الأمر والنهي بواسطة الرسل.
فالتوحيد
المندوب إليه في الآيات الماضية هو القول بوحدانيته تعالى والإيمان بما أتى به رسل
الله والإيمان بيوم الحساب والجزاء ، ولذلك وصف الكفار بعدم الإيمان بالآخرة لأن
الإيمان بها يستلزم الإيمان بالوحدانية والرسالة.
ولك أن تراجع
في استيضاح ما ذكرناه قوله في أول الآيات : ( يُنَزِّلُ
الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ
أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ خَلَقَ السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) فإنه كلام جامع للأصول الثلاثة.
وقوله : ( قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ ) أي للحق وقوله : ( وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ
) أي عن الحق ، والاستكبار ـ على ما ذكروه ـ طلب الترفع بترك الإذعان للحق.
والمعنى :
إلهكم واحد على ما تدل عليه الآيات الواضحة في دلالتها ، وإذا كان الأمر على هذا
الوضوح والجلاء لا يستتر بستر ولا يرتاب فيه فهم فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم
منكرة للحق جاحدة له عنادا وهم مستكبرون عن الانقياد للحق من غير حجة ولا برهان.
قوله
تعالى : ( لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ
وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ )( لا جَرَمَ ) كلمة مركبة باقية على حالة واحدة يفيد معنى التحقيق على
ما ذكره الخليل وسيبويه وإليه يرجع ما ذكره غيرهما وإن اختلفوا في أصل تركبه قال
الخليل : وهو كلمة تحقيق ولا يكون إلا جوابا يقال فعلوا كذا فيقول السامع : لا جرم
يندمون.
والمعنى من
المحقق ـ أو حق ـ ( أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ
ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ ) ، وهو كناية وتهديد بالجزاء السيئ أي إنه يعلم ما يخفونه من أعمالهم وما
يظهرونه فسيجزيهم بما عملوا ويؤاخذهم على ما أنكروا واستكبروا إنه لا يحب
المستكبرين.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 12 صفحه : 228