responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 204

تعالى ذلك ببيان أن الله هو الإله المعبود لا غير لقيام تدبير العالم به ، كما أن الخلقة قائمة به ولانتهاء جميع النعم إليه ، وانتفاء ذلك عن غيره ، فالواجب أن يعبد الله ولا يعبد غيره ، وبيان أن الدين الحق لله فيجب أن يؤخذ به ولا يشرع دونه دين ورد ما أبداه المشركون من الشبهة على النبوة والتشريع وبيان أمور من الدين الإلهي.

هذا هو الذي يرومه معظم آيات السورة وتنعطف إلى بيانه مرة بعد مرة وفي ضمنها آيات تتعرض لأمر الهجرة وما يناسب ذلك مما يحوم حولها.

قوله تعالى : ( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ظاهر السياق أن الخطاب للمشركين لأن الآيات التالية مسوقة احتجاجا عليهم ، إلى قوله في الآية الثانية والعشرين : ( إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ) ووجه الكلام فيها إلى المشركين ، وهي جميعا كالمتفرعة على قوله في ذيل هذه الآية : ( سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ومقتضاه أن يكون الأمر الذي أخبر بإتيانه أمرا يطهر ساحة الربوبية من شركهم بحسم مادته ، ولم تقع في كلامه حكاية استعجال من المؤمنين في أمر ، بل المذكور استعجال المشركين بما كان يذكر في كلامه تعالى من أمر الساعة وأمر ، الفتح وأمر نزول العذاب ، كما يشير إليه قوله : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ـ إلى قوله ـ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) يونس : ٥٣ إلى غير ذلك من الآيات.

وعلى هذا فالمراد بالأمر ما وعد الله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والذين آمنوا وأوعد المشركين مرة بعد مرة في كلامه أنه سينصر المؤمنين ويخزي الكافرين ويعذبهم ويظهر دينه بأمر من عنده كما قال : ( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ ) البقرة : ١٠٩. وإليه يعود أيضا ضمير ( فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) على ما يفيده السياق أو يكون المراد بإتيان الأمر إشرافه على التحقق وقربه من الظهور ، وهذا شائع في الكلام يقال لمن ينتظر ورود الأمير : هذا الأمير جاء وقد دنا مجيئه ولم يجيء بعد.

وعلى هذا أيضا يكون قوله : ( سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) من قبيل الالتفات من الخطاب إلى الغيبة إشارة إلى أنهم ينبغي أن يعرض عن مخاطبتهم ومشافهتهم لانحطاط أفهامهم لشركهم ولم يستعجلوا نزول الأمر إلا لشركهم استهزاء وسخرية.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 204
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست