responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 163

ونظير هذا البحث بحثهم عن الإنظار الواقع في قوله : ( فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ) من جهة أنه مفض إلى الإغواء القبيح وترجيح للمرجوح على الراجح.

فقال المجوزون : إن الآية تدل على أن الحسن والقبح اللذين يعلل بهما العقل أفعالنا لا تأثير لهما في أفعاله تعالى فله أن يثيب من يشاء ويعذب من يشاء من غير جهة مرجحة حتى مع رجحان الخلاف ، قالوا : ومن زعم أن حكيما يحصر قوما في دار ويرسل فيها النار العظيمة والأفاعي القاتلة الكثيرة ولم يرد أذى أحد من أولئك القوم بالإحراق واللسع فقد خرج عن الفطرة الإنسانية فإذن من حكم الفطرة أن الله تعالى أراد بإنظار إبليس إضلال بعض الناس.

والمانعون يوجهون الإنظار بأنه تعالى كان يعلم من إبليس وأتباعه أنهم يموتون على الكفر والفسوق ويصيرون إلى النار أنظر إبليس أو لم ينظر على أنه تعالى تدارك تأييده ذلك بمزيد ثواب المؤمنين المتقين. على أنه يقول : ( وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ ) ولو كان الإغواء من الله لأنكره عليه إلى غير ذلك مما أوردوه من الوجوه.

وليت شعري ما الذي أغفلهم عن آيات الامتحان والابتلاء على كثرتها كقوله تعالى : ( لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) الأنفال : ٣٧ وقوله : ( وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ ) آل عمران : ١٥٤ وغيرهما من الآيات الدالة على أن نظام السعادة والشقاء والثواب والعقاب مبني على أساس الامتحان والابتلاء ، والإنسان واقع بين الخير والشر والسعادة والشقاء له ما يختاره من العمل بنتائجه.

فلو لا أن يكون هناك داع إلى الخير وهم الملائكة الكرام وإن شئت فقل : هو الله ، وداع إلى الشر وهم إبليس وقبيله لم يكن للامتحان معنى قال تعالى : ( الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً ) البقرة : ٢٦٨.

ولئن أيد الله إبليس على الإنسان بالإنظار إلى يوم الوقت المعلوم فقد أيده عليه بالملائكة الباقين ببقاء الدنيا ولم يقل سبحانه له : إنك منظر بل قال : ( فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ) فأثبت منظرين غيره وجعله بعضهم.

ولئن أيده بالتمكين بتزيين الباطل من الكفر والفسوق للإنسان أيد الإنسان بأن هداه إلى الحق وزين الإيمان في قلبه وفطرة على التوحيد ، وعرفه الفجور

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 12  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست