غرض السورة
بيان ولاية الله لعبده الذي أخلص إيمانه له تعالى إخلاصا وامتلأ بمحبته تعالى لا
يبتغي له بدلا ولم يلو إلى غيره تعالى من شيء ، وأن الله تعالى يتولى هو أمره
فيربيه أحسن تربية فيورده مورد القرب ويسقيه فيرويه من مشرعه الزلفى فيخلصه لنفسه
ويحييه حياة إلهية وإن كانت الأسباب الظاهرة أجمعت على هلاكه ، ويرفعه وإن توفرت
الحوادث على ضعته ، ويعزه وإن دعت النوائب ورزايا الدهر إلى ذلته وحط قدره.
وقد بين تعالى
ذلك بسرد قصة يوسف الصديق عليهالسلام. ولم يرد في سور القرآن الكريم تفصيل قصة من القصص
باستقصائها من أولها إلى آخرها غير قصته عليهالسلام ، وقد خصت السورة بها من غير شركة ما من غيرها.
فقد كان عليهالسلام عبدا مخلصا في عبوديته فأخلصه الله لنفسه وأعزه بعزته
وقد تجمعت الأسباب على إذلاله وضعته فكلما ألقته في إحدى المهالك أحياه الله تعالى
من نفس السبيل التي كانت تسوقه إلى الهلاكة : حسده إخوته فألقوه في غيابة الجب ثم
شروه بثمن بخس دراهم معدودة فذهب به ذلك إلى مصر وأدخله في بيت الملك والعزة ،
راودته التي هو في بيتها عن نفسه واتهمته عند العزيز ولم تلبث دون أن اعترفت عند
النسوة ببراءته ثم اتهمته وأدخلته السجن فكان ذلك سبب قربه عند الملك ، وكان قميصه
الملطخ بالدم الذي جاءوا به إلى أبيه يعقوب أول يوم هو السبب الوحيد في ذهاب بصره
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 11 صفحه : 73