responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 64

على أن سياق الآيات ـ مع الغض عما ذكر ـ يدفع ذلك فإنها في مقام بيان أن الله تعالى يدعو الناس برأفته ورحمته إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم من غير أن يريد بهم ظلما ولا شرا ، ولكنهم بظلمهم واختلافهم في الحق يستنكفون عن دعوته ، ويكذبون بآياته ، ويعبدون غيره ، ويفسدون في الأرض فيستحقون العذاب ، وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ، ولا أن يخلقهم ليبغوا ويفسدوا فيهلكهم فالذي منه هو الرحمة والهداية ، والذي من بغيهم واختلافهم وظلمهم يرجع إليهم أنفسهم ، وهذا هو الذي يعطيه سياق الآيات.

وكون الرحمة أعني الهداية غاية مقصودة في الخلقة إنما هو لاتصالها بما هو الغاية الأخيرة وهو السعادة كما في قوله حكاية عن أهل الجنة : « وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا » : الأعراف : ٤٣ وهذا نظير عد العبادة غاية لها لاتصالها بالسعادة في قوله : « وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ » : الذاريات : ٥٦.

وقوله : « وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » أي حقت كلمته تعالى وأخذت مصداقها منهم بما ظلموا واختلفوا في الحق من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ، والكلمة هي قوله : « لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ » إلخ.

والآية نظيره قوله : « وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » : الم السجدة : ١٣ والأصل في هذه الكلمة ما ألقاه الله تعالى إلى إبليس لعنه الله إذ قال : « فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ » : ـ ص : ٨٥ والآيات متحدة المضمون يفسر بعضها بعضا.

هذه جملة ما يعطيه التدبر في معنى الآيتين وقد تلخص بذلك :

أولا أن المراد بقوله : « وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً » توحيدهم برفع التفرق والخلاف من بينهم وقيل : إن المراد هو الإلجاء إلى الإسلام ورفع الاختيار لكنه ينافي التكليف ولذلك لم يفعل ونسب إلى قتادة ، وقيل : المعنى لو شاء لجمعكم في الجنة لكنه أراد بكم أعلى الدرجتين لتدخلوه بالاكتساب ثوابا لأعمالكم ، ونسب إلى أبي مسلم. وأنت خبير بأن سياق الآيات لا يساعد على شيء من المعنيين.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست