responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 62

الديني الذي يذمه وينسبه إلى البغي بعد العلم بالحق.

وقوله : « إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ » استثناء من قوله : « وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ » أي الناس يخالف بعضهم بعضا في الحق أبدا إلا الذين رحمهم الله فإنهم لا يختلفون في الحق ولا يتفرقون عنه ، والرحمة هي الهداية الإلهية كما يفيده قوله : « فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ » : البقرة : ٢١٣.

فإن قلت : معنى اختلاف الناس أن يقابل بعضهم بعضا بالنفي والإثبات فيصير معنى قوله : « وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ » أنهم منقسمون دائما إلى محق ومبطل ، ولا يصح حينئذ ورود الاستثناء عليه إلا بحسب الأزمان دون الأفراد وذلك أن انضمام قوله : « إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ » إليه يئول المعنى إلى مثل قولنا : إنهم منقسمون دائما إلى مبطلين ومحقين إلا من رحم ربك منهم فإنهم لا ينقسمون إلى قسمين ، بل يكونون محقين فقط ، ومن المعلوم أن المستثنين منهم هم المحقون فيرجع معنى الكلام إلى مثل قولنا : إن منهم مبطلين ومحقين والمحقون محقون لا مبطل فيهم ، وهذا كلام لا فائدة فيه.

على أنه لا معنى لاستثناء المحقين من حكم الاختلاف أصلا وهم من الناس المختلفين ، والاختلاف قائم بهم وبالمبطلين معا.

قلت : الاختلاف المذكور في هذه الآية وسائر الآيات المتعرضة له الذامة لأهله إنما هو الاختلاف في الحق ومخالفة البعض للبعض في الحق وإن كانت توجب كون بعض منهم على الحق وعلى بصيرة من الأمر لكنه إذا نسب إلى المجموع وهو المجتمع كان لازمه ارتياب المجتمع وتفرقهم عن الحق وعدم اجتماعهم عليه وتركهم إياه بحياله ، ومقتضاه اختفاء الحق عنهم وارتيابهم فيه.

والله سبحانه إنما يذم الاختلاف من جهة لازمة هذا وهو التفرق والإعراض عن الحق والآيات تشهد بذلك فإنه تعالى يذم فيها جميع المختلفين باختلافهم لا المبطلين من بينهم فلو لا أن المراد بالمختلفين أهل الآراء أو الأعمال المختلفة التي تفرقهم عن الحق لم يصح ذلك.

ومن أحسن ما يؤيده قوله تعالى : « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ » :

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 62
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست