responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 376

في أنفسها ومن ذواتها بأن يتعين لكل أجل كتاب في نفسه لا يتغير عن وجهه بل الله سبحانه هو الذي يعين ذلك بتبديل كتاب مكان كتاب ومحو كتاب وإثبات آخر.

وقوله : « وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ » أي أصله فإن الأم هي الأصل الذي ينشأ منه الشيء ويرجع إليه ، وهو دفع للدخل وإبانة لحقيقة الأمر فإن اختلاف حال الكتاب المكتوب لأجل بالمحو والإثبات أي تغير الحكم المكتوب والقول المقضي به حينا بعد حين ربما أوهم أن الأمور والقضايا ليس لها عند الله سبحانه صورة ثابتة وإنما يتبع حكمه العلل والعوامل الموجبة له من خارج كأحكامنا وقضايانا معاشر ذوي الشعور من الخلق أو أن حكمه جزافي لا تعين له في نفسه ولا مؤثر في تعينه من خارج كما ربما يتوهم أرباب العقول البسيطة أن الذي له ملك ـ بكسر اللام ـ مطلق وسلطنة مطلقة له أن يريد ما يشاء ويفعل ما يريد على حرية مطلقة من رعاية أي قيد وشرط وسلوك أي نظام أو لا نظام في عمله فلا صورة ثابتة لشيء من أفعاله وقضاياه عنده ، وقد قال تعالى : « ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ » : ق : ٢٩ ، وقال : « وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ » : الرعد : ٨ إلى غير ذلك من الآيات.

فدفع هذا الدخل بقوله : « وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ » أي أصل جنس الكتاب والأمر الثابت الذي يرجع إليه هذه الكتب التي تمحى وتثبت بحسب الأوقات والآجال ولو كان هو نفسه تقبل المحو والإثبات لكان مثلها لا أصلا لها ولو لم يكن من أصله كان المحو والإثبات في أفعاله تعالى إما تابعا لأمور خارجة تستوجب ذلك فكان تعالى مقهورا مغلوبا للعوامل والأسباب الخارجية مثلنا والله يحكم لا معقب لحكمه.

وإما غير تابع لشيء أصلا وهو الجزاف الذي يختل به نظام الخلقة والتدبير العام الواحد بربط الأشياء بعضها ببعض جلت عنه ساحته ، قال تعالى : « وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ » : الدخان : ٣٩.

فالملخص من مضمون الآية أن لله سبحانه في كل وقت وأجل كتابا أي حكما وقضاء وأنه يمحو ما يشاء من هذه الكتب والأحكام والأقضية ويثبت ما يشاء أي يغير القضاء الثابت في وقت فيضع في الوقت الثاني مكانه قضاء آخر لكن عنده بالنسبة إلى كل وقت قضاء لا يتغير ولا يقبل المحو والإثبات وهو الأصل الذي يرجع إليه الأقضية الآخر وتنشأ منه فيمحو ويثبت على حسب ما يقتضيه هو.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست