responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 356

القلب الباقي على بصيرته ورشده ، وأما المنحرف عن أصله الذي لا يبصر ولا يفقه فهو مصروف عن الذكر محروم عن الطمأنينة والسكون قال تعالى : « فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ » : الحج : ٤٦ ، وقال : « لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها » : الأعراف : ١٧٩ وقال : « نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ » : التوبة : ٦٧.

وفي لفظ الآية ما يدل على الحصر حيث قدم متعلق الفعل أعني قوله : « بِذِكْرِ اللهِ » عليه فيفيد أن القلوب لا تطمئن بشيء غير ذكر الله سبحانه ، وما قدمناه من الإيضاح ينور هذا الحصر إذ لا هم لقلب الإنسان وهو نفسه المدركة إلا نيل سعادته والأمن من شقائه وهو في ذلك متعلق بذيل الأسباب ، وما من سبب إلا وهو غالب في جهة ومغلوب من أخرى إلا الله سبحانه فهو الغالب غير المغلوب الغني ذو الرحمة فبذكره أي به سبحانه وحده تطمئن القلوب ولا يطمئن القلب إلى شيء غيره إلا غفلة عن حقيقة حاله ولو ذكر بها أخذته الرعدة والقلق.

ومما قيل في الآية الكريمة أعني قوله : « الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ » إلخ إنها استئناف ، وقوله : « الَّذِينَ آمَنُوا » مبتدأ خبره قوله في الآية التالية : « طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ » وقوله : « الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ » بدل من المبتدإ وقوله : « أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » اعتراض بين المبتدإ وخبره ، وهو تكلف بعيد من السياق.

قوله تعالى : « الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ » طوبى على وزن فعلى بضم الفاء مؤنث أطيب فهي صفة لمحذوف وهو على ما يستفاد من السياق ـ الحياة أو المعيشة وذلك أن النعمة كائنة ما كانت إنما تغتبط وتهنأ إذا طابت للإنسان ولا تطيب إلا إذا اطمأن القلب إليه وسكن ولم يضطرب ولا يوجد ذلك إلا لمن آمن بالله وعمل عملا صالحا فهو الذي يطمئن منه القلب ويطيب له العيش فإنه في أمن من الشر والخسران وسلام مما يستقبله ويدركه وقد أوى إلى ركن لا ينهدم واستقر في ولاية الله لا يوجه إليه ربه إلا ما فيه سعادته إن أعطى شيئا فهو خير له وإن منع فهو خير له.

وقد قال في وصف طيب هذه الحياة : « مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ » : النحل : ٩٧ وقال في صفة من لم يرزق اطمئنان القلب بذكر الله : « وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى » : طه : ١٢٤ ، ولعل وصف الحياة أو المعيشة في الآية

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 356
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست