responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 355

وإذا كان الخوف والخشية إنما هو من شر متوقع ولا شر عنده سبحانه فحقيقة الخوف من الله هي خوف الإنسان من أعماله السيئة التي توجب إمساك الرحمة وانقطاع الخير المفاض من عنده ، والنفس الإنسانية إذا قرعت بذكر الله سبحانه التفتت أولا إلى ما أحاطت به من سمات القصور والتقصير فأخذتها القشعريرة في الجلد والوجل في القلب ثم التفتت ثانيا إلى ربه الذي هو غاية طلبة فطرته فسكنت إليه واطمأنت بذكره.

وقال في مجمع البيان ، : وقد وصف الله المؤمن هاهنا بأنه يطمئن قلبه إلى ذكر الله ، ووصفه في موضع آخر بأنه إذا ذكر الله وجل قلبه لأن المراد بالأول أنه يذكر ثوابه وإنعامه وآلاءه التي لا تحصى وأياديه التي لا تجازى فيسكن إليه ، وبالثاني أنه يذكر عقابه وانتقامه فيخافه ويوجل قلبه. انتهى ، وهذا الوجه أوفق بتفسير من فسر الذكر في الآية بالقرآن الكريم وقد سماه الله تعالى ذكرا في مواضع كثيرة من كلامه كقوله : « وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ » : الأنبياء : ٥٠ وقوله : « إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ » : الحجر : ٩ وغير ذلك.

لكن الظاهر أن يكون المراد بالذكر أعم من الذكر اللفظي وأعني به مطلق انتقال الذهن والخطور بالبال سواء كان بمشاهدة آية أو العثور على حجة أو استماع كلمة ، ومن الشاهد عليه قوله بعده : « أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » فإنه كضرب القاعدة يشمل كل ذكر سواء كان لفظيا أو غيره ، وسواء كان قرآنا أو غيره.

وقوله : « أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » فيه تنبيه للناس أن يتوجهوا إليه ويريحوا قلوبهم بذكره فإنه لا هم للإنسان في حياته إلا الفوز بالسعادة والنعمة ولا خوف له إلا من أن تغتاله الشقوة والنقمة والله سبحانه هو السبب الوحيد الذي بيده زمام الخير وإليه يرجع الأمر كله ، وهو القاهر فوق عباده والفعال لما يريد وهو ولي عباده المؤمنين به اللاجئين إليه فذكره للنفس الأسيرة بيد الحوادث الطالبة لركن شديد يضمن له السعادة ، المتحيرة في أمرها وهي لا تعلم أين تريد ولا أنى يراد بها؟ كوصف الترياق للسليم تنبسط به روحه وتستريح معه نفسه ، والركون إليه والاعتماد عليه والاتصال به كتناول ذاك السليم لذلك الترياق وهو يجد من نفسه نشاط الصحة والعافية آنا بعد آن.

فكل قلب ـ على ما يفيده الجمع المحلى باللام من العموم ـ يطمئن بذكر الله ويسكن به ما فيه من القلق والاضطراب نعم إنما ذلك في القلب الذي يستحق أن يسمى قلبا وهو

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست