نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 11 صفحه : 322
ومما تقدم يظهر
فساد قول بعضهم إن المراد بالسجدة هو الحقيقي منها يعني الخرور على الأرض بوضع
الجبهة عليها مثلا فهم جميعا ساجدون غير أن المؤمن يسجد طوعا والكافر يسجد خوفا من
السيف وقد نسب القول به إلى الحسن.
وكذا قول بعض :
إن المراد بالسجود الخضوع فله يخضع الكل إلا أن ذلك من المؤمن خضوع طوع ومن الكافر
خضوع كره لما يحل به من الآلام والأسقام ونسب إلى الجبائي.
وكذا قول آخرين
: إن المراد بالآية خضوع جميع ما في السماوات والأرض من أولي العقل وغيرهم
والتعبير بلفظ يخص أولي العقل للتغليب.
وأما قوله. « وَظِلالُهُمْ
بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ » ففيه إلحاق أظلال الأجسام الكثيفة بها في السجود فإن الظل وإن كان عدميا
من حجب الجسم بكثافته عن نفوذ النور إلا أن له آثارا خارجية وهو يزيد وينقص في
طرفي النهار ويختلف اختلافا ظاهرا للحس فله نحو من الوجود ذو آثاره يخضع في وجوده
وآثاره لله ويسجد له.
وهي تسجد لله
سبحانه سجدة طوع في جميع الأحيان ، وإنما خص الغدو والآصال بالذكر لا لما قيل : إن
المراد بهما الدوام لأنه يذكر مثل ذلك للتأبيد إذ لو أريد سجودها الدائم لكان
الأنسب به أن يقال : بأطراف النهار حتى يعم جميع ما قبل الظهر وما بعده كما وقع في
قوله : « وَمِنْ
آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى » : طه : ١٣٠.
بل النكتة فيه
ـ والله أعلم ـ أن الزيادة والنقيصة دائمتان للأظلال في الغداة والأصيل فيمثلان
للحس السقوط على الأرض وذلة السجود ، وأما وقت الظهيرة وأوساط النهار فربما انعدمت
الأظلال فيها أو نقصت وكانت كالساكنة لا يظهر معنى السجدة منها ذلك الظهور.
ولا شك في أن
سقوط الأظلال على الأرض وتمثيلها لخرور السجود منظور إليه في نسبة السجود إلى
الأظلال في تفيؤها ، وليس النظر مقصورا على مجرد طاعتها التكوينية في جميع أحوالها
وآثارها والدليل على ذلك قوله : «
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ
الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ » : النحل : ٤٨ فإن العناية بذلك ظاهرة فيه.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 11 صفحه : 322