responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 293

وقوله : « يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ » أي يلبس ظلمة الليل ضوء النهار فيظلم الهواء بعد ما كان مضيئا ، وذكر بعضهم أن المراد به إغشاء كل من الليل والنهار غيره وتعقيب الليل النهار والنهار الليل ، ولا قرينة تدل على ذلك.

ثم ختم الآية بقوله : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » فإن التفكر في النظام الجاري عليها الحاكم فيها القاضي باتصال بعضها ببعض وتلاؤم بعضها مع بعض المؤدي إلى توجه المجموع وكل جزء من أجزائها إلى غايات تخصها يكشف عن ارتباطها بتدبير واحد عقلي في غاية الإتقان والإحكام فيدل على أن لها ربا واحدا لا شريك له في ربوبيته عليما لا يعتريه جهل قديرا لا يغلب في قدرته ذا عناية بكل شيء وخاصة بالإنسان يسوقه إلى ما فيه سعادته الخالدة.

قوله تعالى : « وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ » إلى آخر الآية ، قال الراغب : الصنو الغصن الخارج عن أصل الشجرة يقال : هما صنوا نخلة وفلان صنو أبيه والتثنية صنوان وجمعه صنوان قال تعالى : ( صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ ). انتهى ، وقال : والأكل لما يؤكل بضم الكاف وسكونه قال تعالى : « أُكُلُها دائِمٌ » والأكلة للمرة والأكلة كاللقمة. انتهى.

والمعنى أن من الدليل على أن هذا النظام الجاري قائم بتدبير مدبر وراءه يخضع له الأشياء بطبائعها ويجريها على ما يشاء وكيف يشاء أن في الأرض قطعا متجاورات متقاربة بعضها من بعض متشابهة في طبع ترابها وفيها جنات من أعناب والعنب من الثمرات التي تختلف اختلافا عظيما في الشكل واللون والطعم والمقدار واللطافة والجودة وغير ذلك ، وفيها زرع مختلف في جنسه وصنفه من القمح والشعير وغير ذلك ، وفيها نخيل صنوان أي أمثال نابتة على أصل مشترك فيه وغير صنوان أي متفرقة تسقي الجميع من ماء واحد ونفضل بعضها على بعض بما فيه من المزية المطلوبة في شيء من صفاته.

فإن قيل : هذه الاختلافات راجعة إلى طبائعها الخاصة بكل منها أو العوامل الخارجية التي تعمل فيها فتتصرف في إشكالها وألوانها وسائر صفاتها على ما تفصل الأبحاث العلمية المتعرضة لشئونها الشارحة لتفاصيل طبائعها وخواصها ، والعوامل التي تؤثر في كيفية تكونها وتتصرف في صفاتها.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 293
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست