responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 288

أعمدة كسائر ما يعتمد على عماد لكانت الأعمدة هي الرافعة الممسكة لها من غير حاجة إلى الله سبحانه كما ربما يذهب إليه أوهام العامة أن الذي يستند إلى الله من الأمور هو ما يجهل سببه كالأمور السماوية والحوادث الجوية والروح وأمثال ذلك.

فإن كلامه تعالى ينص أولا على أن كل ما يصدق عليه الشيء ما خلا الله فهو مخلوق لله وكل خلق وأمر لا يخلو عن الاستناد إليه كما قال تعالى : « اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ » : الرعد : ١٦ ، وقال : « أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ » : الأعراف : ٥٤.

وثانيا : على أن سنة الأسباب جارية مطردة وأنه تعالى على صراط مستقيم فلا معنى لكون حكم الأسباب جاريا في بعض الأمور الجسمانية غير جار في بعض. واستناد بعض الحوادث كالحوادث الأرضية إليه تعالى بواسطة الأسباب ، واستناد بعضها الآخر كالأمور السماوية مثلا إليه تعالى بلا واسطة ، فإن قام سقف مثلا على عمود فقد قام بسبب خاص به بإذن الله ، وإن قام جرم سماوي من غير عمود يقوم عليه فقد قام أيضا بسبب خاص به كطبيعته الخاصة أو التجاذب العام مثلا بإذن الله.

بل إنما قيد رفع السماوات بقوله : « بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها » لتنبيه فطرة الناس وإيقاظها لتنتزع إلى البحث عن السبب وينتهي ذلك لا محالة إلى الله سبحانه ، وقد سلك نظير هذا المسلك في قوله في الآية التالية : « وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً » على ما سنوضحه.

ولما كان المطلوب في المقام ـ على ما يهدي إليه سياق الآيات ـ هو توحيد الربوبية وبيان أن الله سبحانه رب كل شيء لا رب سواه لا أصل إثبات الصانع عقب قوله : « رَفَعَ السَّماواتِ » إلخ بقوله : « ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ » إلخ ، الدال على التدبير العام المتحد باتصال بعض أجزائه ببعض ليثبت به أن رب الجميع ومالكها المدبر لأمرها واحد.

وذلك أن الوثنية الذين يناظرهم القرآن لا ينكرون أن خالق الكل وموجده واحد لا شريك له في إيجاده وإبداعه ، وهو الله سبحانه ، وإنما يرون أنه فوض تدبير كل شأن من شئون الكون ونوع من أنواعه كالأرض والسماء والإنسان والحيوان والبر والحرب والسلم والحياة والموت إلى واحد من الموجودات القوية فينبغي أن يعبد ليجلب بها خيره

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست