وهذا الإسلام
الذي سأله عليهالسلام أقصى درجات الإسلام وأعلى مراتبه ، وهو التسليم المحض لله سبحانه ، وهو أن
لا يرى العبد لنفسه ولا لآثار نفسه شيئا من الاستقلال حتى لا يشغله شيء من نفسه
ولا صفاتها ولا أعمالها من ربه ، وإذا نسب إليه تعالى كان إخلاصه عبده لنفسه.
ومما تقدم يظهر
أن قوله : « تَوَفَّنِي
مُسْلِماً » سؤال منه لبقاء الإخلاص واستمرار الإسلام ما دام حيا وبعبارة أخرى أن
يعيش مسلما حتى يتوفاه الله فهو كناية عن أن يثبته الله على الإسلام حتى يموت ،
وليس يراد به أن يموت في حال الإسلام ولو لم يكن قبل ذلك مسلما ، ولا سؤالا للموت
وهو مسلم حتى يكون المعنى أني مسلم فتوفني.
ويتبين بذلك
فساد ما روي عن عدة من قدماء المفسرين أن قوله : « تَوَفَّنِي مُسْلِماً » دعاء منه يسأل به الموت من الله سبحانه حتى قال بعضهم
: لم يسأل أحد من الأنبياء الموت من الله ولا تمناه إلا يوسف عليهالسلام.
قوله
تعالى : « ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ
الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ
وَهُمْ يَمْكُرُونَ » الإشارة إلى نبإ يوسف عليهالسلام ، والخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله ، وضمير الجمع لإخوة يوسف والإجماع العزم والإرادة.
وقوله : « وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ
» إلخ ، حال من
ضمير الخطاب من « إِلَيْكَ » وقوله : « نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ » إلى آخر الآية بيان لقوله : « ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ
الْغَيْبِ » والمعنى أن نبأ يوسف من أنباء الغيب فإنا نوحيه إليك والحال أنك ما كنت
عند إخوة يوسف إذ عزموا على أمرهم وهم يمكرون في أمر يوسف.
(
بحث روائي )
في تفسير
العياشي ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث طويل قال : قال يوسف لإخوته : « لا تَثْرِيبَ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا » الذي
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 11 صفحه : 250