نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 11 صفحه : 244
وهذا آخر
العنايات البديعة التي أظهرها الله سبحانه في حق يوسف عليهالسلام على ما يقصه في هذه السورة مما غلب الله الأسباب فحولها
إلى خلاف الجهة التي كانت تجري إليها حسده إخوته فاستذلوه وغربوه عن مستقره
بإلقائه في الجب وبيعه من السيارة بثمن بخس فجعل الله سبحانه هذا السبب بعينه سببا
لقراره في بيت عزيز مصر في أكرم مثوى ثم أقره في أريكة عزة تضرع إليه أمامها إخوته
بقولهم « يا
أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ
فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي
الْمُتَصَدِّقِينَ ».
ثم أحبته امرأة
العزيز ونسوة مصر فراودنه عن نفسه ليوردنه في مهلكة الفجور فحفظه الله وجعل ذلك
سببا لظهور براءة ساحته وكمال عفته ، ثم استذلوه فسجنوه فجعله الله سببا لعزته
وملكه.
وجاء إخوته إلى
أبيه يوم ألقوه في غيابة الجب بقميصه الملطخ بالدم فأخبروه بموته كذبا فكان القميص
سببا لحزن أبيه وبكائه في فراق ابنه حتى ابيضت عيناه وذهب بصره فرد الله سبحانه به
بصره إليه وبالجملة اجتمعت الأسباب على خفضه وأراد الله سبحانه رفعه فكان ما أراده
الله دون الذي توجهت إليه الأسباب والله غالب على أمره.
وقوله : « وَأْتُونِي
بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ » أمر منه بانتقال بيت يعقوب من يعقوب وأهله وبنيه وذراريه جميعا من البدو
إلى مصر ونزولهم بها.
قوله
تعالى : « وَلَمَّا فَصَلَتِ
الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ
» الفصل القطع والانقطاع والتفنيد تفعيل
من الفند بفتحتين وهو
ضعف الرأي ، والمعنى لما خرجت العير الحاملة لقميص يوسف من مصر وانقطعت عنها قال
أبوهم يعقوب لمن عنده من بنيه : إني لأجد ريح يوسف لو لا أن ترموني بضعف الرأي أي
إني لأحس بريحه وأرى أن اللقاء قريب ومن حقه أن تذعنوا بما أجده لو لا أن تخطئوني
لكن من المحتمل أن تفندوني فلا تذعنوا بقولي.
قوله
تعالى : « قالُوا تَاللهِ
إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ »
القديم مقابل الجديد
والمراد به المتقدم وجودا ، وهذا ما واجهه به بعض بنيه الحاضرين عنده ، وهو من سيء
حظهم في هذه القصة تفوهوا بمثله في بدء القصة إذ قالوا : « إِنَّ أَبانا لَفِي
ضَلالٍ مُبِينٍ » وفي ختمها وهو قولهم هذا : « تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ ».
والظاهر أن
مرادهم بالضلال هاهنا هو مرادهم بالضلال هناك وهو المبالغة في حب
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 11 صفحه : 244