responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 218

واستعدوا للرحيل ، ومن المعلوم من سياق القصة أنه خاف على بنيه وهم أحد عشر عصبة ـ لا من أن يراهم عزيز مصر مجتمعين صفا واحدا لأنه كان من المعلوم أنه سيشخصهم إليه فيصطفون عنده صفا واحدا وهم أحد عشر إخوة لأب واحد ـ بل إنما كان يخاف عليهم أن يراهم الناس فيصيبهم عين على ما قيل أو يحسدون أو يخاف منهم فينالهم ما يتفرق به جمعهم من قتل أو أي نازلة أخرى.

وقوله بعده : « وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ » لا يخلو من دلالة أو إشعار بأنه كان يخاف ذلك جدا فكأنه عليه‌السلام ـ والله أعلم ـ أحس حينما تجهزوا للسفر واصطفوا أمامه للوداع إحساس إلهام أن جمعهم وهم على هذه الهيئة الحسنة سيفرق وينقص من عددهم فأمرهم أن لا يتظاهروا بالإجماع كذلك وحذرهم عن الدخول من باب واحد وعزم عليهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة رجاء أن يندفع بذلك عنهم بلاء التفرقة بينهم والنقص في عددهم.

ثم رجع إلى إطلاق كلامه الظاهر في كون هذا السبب الذي ركن إليه في دفع ما خطر بباله من المصيبة سببا أصيلا مستقلا ـ ولا مؤثر في الوجود بالحقيقة إلا الله سبحانه ـ فقيد كلامه بما يصلحه فقال مخاطبا لهم : « وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ » ثم علله بقوله « إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ » أي لست أرفع حاجتكم إلى الله سبحانه بما أمرتكم به من السبب الذي تتقون به نزول النازلة وتتوسلون به إلى السلامة والعافية ولا أحكم بأن تحفظوا بهذه الحيلة فإن هذه الأسباب لا تغني من الله شيئا ولا لها حكم دون الله سبحانه فليس الحكم مطلقا إلا لله بل هذه أسباب ظاهرية إنما تؤثر إذا أراد الله لها أن تؤثر.

ولذلك عقب كلامه هذا بقوله : « عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ » أي إن هذا سبب أمرتكم باتخاذه لدفع ما أخافه عليكم من البلاء وتوكلت مع ذلك على الله في أخذ هذا السبب وفي سائر الأسباب التي أخذتها في أموري ، وعلى هذا المسير يجب أن يسير كل رشيد غير غوي يرى أنه لا يقوى باستقلاله لإدارة أموره ولا أن الأسباب العادية باستقلالها تقوى على إيصاله إلى ما يبتغيه من المقاصد بل عليه أن يلتجئ في أموره إلى وكيل يصلح شأنه ويدبر أمره أحسن تدبير فذلك الوكيل هو الله سبحانه القاهر الذي لا يقهره شيء الغالب الذي لا يغلبه شيء يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست