نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 11 صفحه : 197
شبهة وريبة.
والثاني : أن
يعلم أن الخائن مطلقا لا ينال بخيانته غايته وأنه سيفتضح لا محالة سنة الله التي
قد خلت في عباده ولن تجد لسنة الله تبديلا فإن الخيانة من الباطل ، والباطل لا
يدوم وسيظهر الحق عليه ظهورا ، ولو اهتدى الخائن إلى بغيته لم تفتضح النسوة اللاتي
قطعن أيديهن وأخذن بالمراودة ولا امرأة العزيز فيما فعلت وأصرت عليه فالله لا يهدي
كيد الخائنين.
وكان الغرض من
الغاية الثانية : «
وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ » وتذكيره وتعليمه للملك ، الحصول على لازم فائدة الخبر
وهو أن يعلم الملك أنه عليهالسلام عالم بذلك مذعن بحقيقته فإذا كان لم يخنه في عرضه
بالغيب ولا يخون في شيء البتة كان جديرا بأن يؤتمن على كل شيء نفسا كان أو عرضا أو
مالا.
وبهذا الامتياز
البين يتهيأ ليوسف ما كان بباله أن يسأل الملك إياه وهو قوله بعد أن أشخص عند
الملك : «
اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ».
والآية ظاهرة
في أن هذا الملك هو غير عزيز مصر زوج المرأة الذي أشير إليه بقوله : « وَأَلْفَيا سَيِّدَها
لَدَى الْبابِ » وقوله : «
وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ ».
وقد ذكر بعض
المفسرين أن هذه الآية والتي بعدها تتمة قول امرأة العزيز : « الْآنَ حَصْحَصَ
الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ » وسيأتي الكلام عليه.
قوله
تعالى : « وَما أُبَرِّئُ
نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ
رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ » تتمة كلام يوسفعليهالسلام وذلك أن قوله : « أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ » كان لا يخلو من شائبة دعوى الحول والقوة وهو عليهالسلام من المخلصين المتوغلين في التوحيد الذين لا يرون لغيره
تعالى حولا ولا قوة فبادر عليهالسلام إلى نفي الحول والقوة عن نفسه ونسبة ما ظهر منه من عمل
صالح أو صفة جميلة إلى رحمة ربه ، وتسوية نفسه بسائر النفوس التي هي بحسب الطبع
مائلة إلى الأهواء أمارة بالسوء فقال : « وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ
لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي » فقوله هذا كقول شعيب عليهالسلام : «
إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ » : هود : ٨٨.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 11 صفحه : 197