responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 178

وهو أعني قوله : « إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ » مفيد فيما قبله وما بعده صالح لتعليلهما معا ، أما فائدته في قوله قبل : « ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ » فقد ظهرت آنفا ، وأما فائدته في قوله بعد : « أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ » فلأنه متضمن لجانب إثبات الحكم كما أن قوله قبل : « ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ » متضمن لجانب السلب ، وحكمه تعالى نافذ في الجانبين معا فكأنه لما قيل : « ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ » قيل : « فما ذا حكم به في أمر العبادة » فقيل : « أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ » ولذلك جيء بالفعل.

ومعنى الآية ـ والله أعلم ـ ما تعبدون من دون الله إلا أسماء خالية عن المسميات لم يضعها إلا أنتم وآباؤكم من غير أن ينزل الله سبحانه من عنده برهانا يدل على أن لها شفاعة عند الله أو شيئا من الاستقلال في التأثير حتى يصح لكم دعوى عبادتها لنيل شفاعتها ، أو طمعا في خيرها أو خوفا من شرها.

وأما قوله : « ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ » فيشير به إلى ما ذكره من توحيد الله ونفي الشريك عنه ، والقيم هو القائم بالأمر القوي على تدبيره أو القائم على ساقه غير المتزلزل والمتضعضع ، والمعنى أن دين التوحيد وحده هو القوي على إدارة المجتمع وسوقه إلى منزل السعادة ، والدين المحكم غير المتزلزل الذي فيه الرشد من غير غي والحقية من غير بطلان ، ولكن أكثر الناس لأنسهم بالحس والمحسوس وانهماكهم في زخارف الدنيا الفانية حرموا سلامة القلب واستقامة العقل لا يعلمون ذلك ، وإنما يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة معرضون.

أما أن التوحيد دين فيه الرشد ومطابقة الواقع فيكفي في بيانه ما أقامه عليه‌السلام من البرهان ، وأما أنه هو القوي على إدارة المجتمع الإنساني فلأن هذا النوع إنما يسعد في مسير حياته إذا بنى سنن حياته وأحكام معاشه على مبني حق مطابق للواقع فسار عليها لا إذا بناها على مبني باطل خرافي لا يعتمد على أصل ثابت.

فقد بان من جميع ما تقدم أن الآيتين جميعا أعني قوله : « يا صاحِبَيِ السِّجْنِ ـ إلى قوله ـ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ » برهان واحد على توحيد العبادة ، محصله أن عبادة المعبود أن كانت لألوهيته في نفسه ووجوب وجوده بذاته فالله سبحانه في وجوده واحد قهار لا يتصور له ثان ولا مع تأثيره مؤثر آخر فلا معنى لتعدد الآلهة ، وإن كانت لكون آلهة

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست