responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 159

وحده وليسوا إلا عباد الله فحسب ، وليس للعبد إلا أن يعبد ربه ، ويقدم مرضاته وإرادته على مرضاته وإرادته ، فهم يعبدون الله ولا يريدون في شيء من أعمالهم فعلا أو تركا إلا وجهه ، ولا يلتفتون فيها إلى عقاب يخوفهم ، ولا إلى ثواب يرجيهم ، وإن خافوا عذابه ورجوا رحمته ، وإلى هذا يشير قوله عليه‌السلام : « ما عبدتك خوفا من نارك ولا رغبة في جنتك ـ بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك ».

وهؤلاء لما خصوا رغباتهم المختلفة بابتغاء مرضات ربهم ومحضوا أعمالهم في طلب غاية هو ربهم تظهر في قلوبهم المحبة الإلهية وذلك أنهم يعرفون ربهم بما عرفهم به نفسه ، وقد سمى نفسه بأحسن الأسماء ووصف ذاته بكل صفة جميلة ومن خاصة النفس الإنسانية أن تنجذب إلى الجميل فكيف بالجميل على الإطلاق وقال تعالى : « ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ » : الأنعام : ١٠٢ ثم قال : « الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » : الم السجدة : ٧ فأفاد أن الخلقة تدور مدار الحسن وأنهما متلازمان متصادقان ثم ذكر سبحانه في آيات كثيرة أن ما خلقه من شيء آية تدل عليه وإن في السماوات والأرض لآيات لأولي الألباب فليس في الوجود ما لا يدل عليه تعالى ولا يحكي شيئا من جماله وجلاله.

فالأشياء من جهة أنواع خلقها وحسنها تدل على جماله الذي لا يتناهى ويحمده ويثني على حسنه الذي لا يفنى ، ومن جهة ما فيها من أنواع النقص والحاجة تدل على غناه المطلق وتسبح وتنزه ساحة القدس والكبرياء كما قال تعالى : « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ » : إسراء : ٤٤.

فهؤلاء يسلكون في معرفة الأشياء من طريق هداهم إليه ربهم وعرفها لهم وهو أنها آيات له وعلامات لصفات جماله وجلاله ، وليس لها من النفسية والأصالة والاستقلال إلا أنها كمرائي تجلى بحسنها ما وراءها من الحسن غير المتناهي وبفقرها وحاجتها ما أحاط بها من الغنى المطلق ، وبذلتها واستكانتها ما فوقها من العزة والكبرياء ، ولا يلبث الناظر إلى الكون بهذه النظرة دون أن تنجذب نفسه إلى ساحة العزة والعظمة ويغشى قلبه من المحبة الإلهية ما ينسيه نفسه وكل شيء ، ويمحو رسم الأهواء والأميال النفسانية عن باطنه ، ويبدل فؤاده قلبا سليما ليس فيه إلا الله عز اسمه قال تعالى : « وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ » : البقرة : ١٦٥.

ولذلك يرى أهل هذا الطريق أن الطريقين الآخرين أعني طريق العبادة خوفا

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 11  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست