نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 10 صفحه : 63
(
بيان )
رجوع إلى أمر
القرآن وأنه كتاب منزل من عند الله لا ريب فيه وتلقين الحجة في ذلك ، وللآيات
اتصال بما تقدمها من قوله : «
قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي
لِلْحَقِ » الآية ، فقد
تقدم أن من هدايته تعالى إلى الحق هدايته الناس إلى دينه الذي يرتضيه من طريق
الوحي إلى أنبيائه والكتب التي أنزلها إليهم ككتب نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهالسلام ، وهذه الآيات تذكرها وتقيم الحجة على أن القرآن منها
هاد إلى الحق ، ولذلك أشير إليها معه حيث قيل :« وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ
وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ».
وفي آخر الآيات
الرجوع إلى ذكر الحشر وهو من مقاصد السورة كما تقدم.
قوله
تعالى : « وَما كانَ هذَا
الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ » إلى آخر الآية ، قد تقدمت الإشارة إلى أن نفي صفة أو
معنى بنفي الكون يفيد نفي الشأن والاستعداد ، وهو أبلغ من نفيه نفسه ففرق بين
قولنا ما كان زيد ليقوم ، وقولنا : لم يقم أو ما قام زيد إذ الأول يدل على أن
القيام لم يكن من شأن زيد ولا استعد له استعدادا ، والثاني ينفي القيام عنه فحسب ،
وفي القرآن منه شيء كثير كقوله : « فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ
مِنْ قَبْلُ » يونس : ـ ٧٤ وقوله : «
ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ » الشورى : ـ ٥٣ : « وقوله وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ ». العنكبوت : ـ ٤٠.
فقوله : « وَما كانَ هذَا
الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ » نفي لشأنية الافتراء عن القرآن كما قيل وهو أبلغ من
نفي فعليته ، والمعنى ليس من شأن هذا القرآن ولا في صلاحيته أن يكون افتراء من دون
الله يفتريه على الله سبحانه.
وقوله : « وَلكِنْ تَصْدِيقَ
الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ » أي تصديقا لما هو حاضر منزل من الكتاب وهو التوراة والإنجيل كما حكى عن
المسيح قوله : « يا بَنِي
إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ
التَّوْراةِ » الصف : ـ ٦ ، وإنما وصفهما بما بين
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 10 صفحه : 63