responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 10  صفحه : 225

عمل السفينة وكانت السخرية تتناولهم جميعا فظاهر الكلام أن الملأ كانوا يواجهون نوحا ومن معه في عمل السفينة بسخرية نوح ورميه عليه‌السلام بالخبل والجنون فيشمل هزؤهم نوحا ومن معه وإن كانوا لم يذكروا في هزئهم إلا نوحا فقط.

على أن الطبع والعادة يقضيان أن يكونوا يسخرون من أتباعه أيضا كما كانوا يسخرون منه فهم أهل مجتمع واحد تربط المعاشرة بعضهم ببعض وإن كانت سخريتهم من أتباعه سخرية منه في الحقيقة لأنه هو الأصل الذي تقوم به الدعوة ، ولذا قيل : « سَخِرُوا مِنْهُ » ولم يقل : سخروا منه ومن المؤمنين.

والسخرية وإن كانت قبيحة ومن الجهل إذا كانت ابتدائية لكنها جائزة إذا كانت مجازاة وبعنوان المقابلة وخاصة إذا كانت تترتب عليها فائدة عقلائية كإنفاذ العزيمة وإتمام الحجة قال تعالى : « فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ » التوبة : ـ ٧٩ ، ويدل على اعتبار المجازاة والمقابلة بالمثل في الآية قوله : « كَما تَسْخَرُونَ ».

قوله تعالى : « فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ » السياق يقضي أن يكون قوله : « فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ » تفريعا على الجملة الشرطية السابقة « إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ » وتكون الجملة المتفرعة هو متن السخرية التي أتى بها نوح عليه‌السلام ويكون قوله : « مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ » إلخ ، متعلقا بتعلمون على أنه معلوم العلم.

والمعنى : أن تسخروا منا فإنا نسخر منكم فنقول لكم : سوف تعلمون من يأتيه العذاب؟ نحن أو أنتم؟ وهذه سخرية بقول حق.

وقوله : « مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ » المراد به عذاب الاستئصال في الدنيا وهو الغرق الذي أخزاهم وأذلهم ، والمراد بقوله : « وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ » أي ينزل عليه عذاب ثابت لازم لا يفارق ، هو عذاب النار في الآخرة ، والدليل على ما ذكرنا من كون العذاب الأول هو الذي في الدنيا والثاني هو عذاب الآخرة هو المقابلة وتكرر العذاب ـ منكرا ـ في اللفظ وتوصيف الأول بالإخزاء والثاني بالإقامة.

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 10  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست