نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 10 صفحه : 213
كما وقع كثيرا في الأخبار والآثار ونفى معه الأصالة والاستقلال بأن يكون
العلم والقدرة مثلا له تعالى وإنما ظهر ما ظهر منه بالتوسيط ووقع ما وقع منه
بإفاضته وجوده فلا حجر عليه.
ومن أثبت شيئا
من ذلك على نحو الأصالة والاستقلال طبق ما يثبته الفهم العامي وإن أسنده إلى الله
سبحانه وفيض رحمته لم يخل من غلو وكان مشمولا لمثل قوله : « لا تَغْلُوا فِي
دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ » النساء : ـ ١٧١.
قوله
تعالى : « وَلا أَقُولُ
لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ
أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ » قال في المفردات ، : زريت عليه عبته وأزريت به قصرت به وكذلك ازدريت به وأصله
افتعلت قال : تزدري أعينكم أي تستقلهم تقديره تزدريهم أعينهم أي تستقلهم وتستهين
بهم. انتهى.
وهذا الفصل من
كلامه عليهالسلام إشارة إلى ما كان يعتقده الملأ الذين كفروا من قومه
وبنوا عليه سنة الأشرافية وطريقة السيادة ، وهو أن أفراد الإنسان تنقسم إلى قسمين
الأقوياء والضعفاء ، أما الأقوياء فهم أولوا الطول وأرباب القدرة المعتضدون بالمال
والعدة ، وأما الضعفاء فهم الباقون. والأقوياء هم السادة في المجتمع الإنساني لهم
النعمة والكرامة ، ولأجلهم انعقاد المجتمع ، وغيرهم من الضعفاء مخلوقون لأجلهم
مقصودون لهم أضاحي منافعهم كالرعية بالنسبة إلى كرسي الحكومة المستبدة ، والعبيد
بالنسبة إلى الموالي ، والخدم والعملة بالنسبة إلى المخدومين والنساء بالنسبة إلى
الرجال ، وبالأخرة كل ضعيف بالنسبة إلى القوي المستعلي عليه.
وبالجملة كان
معتقدهم أن الضعيف في المجتمع إنسان منحط أو حيوان في صورة إنسان إنما يرد داخل
المجتمع ويشاركهم في الحياة ليستفيد الشريف من عمله وينتفع من كد يمينه لحياته من
غير عكس بل هو محروم من الكرامة مطرود عن حظيرة الشرافة آيس من الرحمة والعناية.
فهذا هو الذي
كانوا يرونه وكان هو المعتمد عليه في مجتمعهم ، وقد رد نوح عليهالسلام ذلك إليهم بقوله : « وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ
لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً ».
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 10 صفحه : 213