responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 10  صفحه : 118

قوله تعالى : « آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ » آلآن بالمد أصله ءألآن أي أتؤمن بالله الآن وهو حين أدركك العذاب ولا إيمان وتوبة حين غشيان العذاب ومجيء الموت من كل مكان ، وقد عصيت قبل هذا وكنت من المفسدين ، وأفنيت أيامك في معصيته ، ولم تقدم التوبة لوقتها فما ذا ينفعك الإيمان بعد فوت وقته وهذا هو الذي كان موسى وهارون سألاه ربهما أن يأخذه بعذاب أليم ويسد سبيله إلى الإيمان إلا حين يغشاه العذاب فلا ينفعه الإيمان ولا تغني عنه التوبة شيئا.

قوله تعالى : « فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ » التنجية والإنجاء تفعيل وإفعال من النجاة كالتخليص والإخلاص من الخلاص وزنا ومعنى.

وتنجيته ببدنه تدل على أن له أمرا آخر وراء البدن فقده بدنه بغشيان العذاب وهو النفس التي تسمى أيضا روحا ، وهذه النفس المأخوذة هي التي يتوفاها الله ويأخذها حين موتها كما قال تعالى : « اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها » الزمر : ـ ٤٢ ، وقال : « قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ » الم السجدة : ـ ١١ ، وهي التي يخبر عنها الإنسان بقوله : « أنا » وهي التي بها تتحقق للإنسان إنسانيته ، وهي التي تدرك وتريد وتفعل الأفعال الإنسانية بواسطة البدن بما له من القوى والأعضاء المادية ، وليس للبدن إلا أنه آلة وأداة تعمل بها النفس أعمالها المادية.

ولمكان الاتحاد الذي بينها وبين البدن يسمى باسمها البدن وإلا فأسماء الأشخاص في الحقيقة لنفوسهم لا لأبدانهم ، وناهيك في ذلك التغير المستمر الذي يعرض البدن مدة الحياة ، والتبدل الطبيعي الذي يطرء عليه حينا بعد حين حتى ربما تبدل البدن بجميع أجزائه إلى أجزاء أخر تتركب بدنا آخر فلو كان زيد هو البدن الذي ولدته أمه يوم ولدته والاسم له لكان غيره وهو ذو سبعين وثمانين قطعا والاسم لغيره حتما ، ولم يثب ولم يعاقب الإنسان وهو شائب على ما عمله وهو شاب لأن الطاعة والمعصية لغيره.

فهذه وأمثالها شواهد قطعية على أن إنسانية الإنسان بنفسه دون بدنه ، والأسماء للنفوس لا للأبدان يدركها الإنسان ويعرفها إجمالا وإن كان ربما أنكرها

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 10  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست