responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 1  صفحه : 92

من كلامه تعالى أيضا أن للانسان حيوة اخرى سابقة على حيوته الدنيا يحذوها فيها كما يحذو حذو حيوته الدنيا فيما يتلوها. وبعبارة اخرى إن للانسان حيوة قبل هذه الحيوة الدنيا وحيوة بعدها ، والحيوة الثالثة تتبع حكم الثانية والثانية حكم الاولى ، فالانسان وهو في الدنيا واقع بين حيوتين : سابقة ولاحقة ، فهذا هو الذي يقضي به ظاهر القرآن.

لكن الجمهور من المفسرين حملوا القسم الاول من الايات وهي الواصفة للحيوة السابقة على ضرب من لسان الحال وإقتضاء الاستعداد ، والقسم الثاني منها وهي الواصفة للحيوة اللاحقة على ضروب المجاز والاستعارة هذا ، إلا أن ظواهر كثير من الآيات يدفع ذلك. أما القسم الاول وهي آيات الذر والميثاق فستأتي في مواردها ، وأما القسم الثاني فكثير من الآيات دالة على أن الجزاء يوم الجزاء بنفس الاعمال وعينها كقوله تعالى : ( لا تعتذروا اليوم أنما تجزون ما كنتم تعملون ) التحريم ـ ٧ ، وقوله تعالى : ( ثم توفى كل نفس ما كسبت الآية ) البقرة ـ ٢٨١ ، وقوله تعالى : ( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة ) البقرة ـ ٢٣. وقوله تعالى : ( فليدع ناديه سندع الزبانية ) العلق ـ ١٨ ، وقوله تعالى : ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء ) آل عمران ـ ٢٨ ، وقوله تعالى : ( ما يأكلون في بطونهم إلا النار ) البقرة ـ ١٧٩ ، وقوله : ( إنما يأكلون في بطونهم نارا ) النساء ـ ١٠ ، إلى غير ذلك من الآيات.

ولعمري لو لم يكن في كتاب الله تعالى ـ إلا قوله : ( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد ) ق ـ ٢٢ ، لكان فيه كفاية إذ الغفلة لا تكون إلا عن معلوم حاضر ، وكشف الغطاء لا يستقيم إلا عن مغطى موجود فلو لم يكن ما يشاهده الانسان يوم القيامة موجودا حاضرا من قبل لما كان يصح أن يقال للانسان أن هذه أمور كانت مغفولة لك ، مستورة عنك فهي اليوم مكشوف عنها الغطاء ، مزالة منها الغفلة.

ولعمري أنك لو سئلت نفسك أن تهديك إلى بيان يفي بهذه المعاني حقيقة من غير مجاز لما أجابتك إلا بنفس هذه البيانات والاوصاف التي نزل بها القرآن الكريم.

ومحصل الكلام أن كلامه تعالى موضوع على وجهين :

نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي    جلد : 1  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست