نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 44
حال المؤمنين
والكفار والمنافقين ، خمس صفات ، وهي الايمان بالغيب ، واقامة الصلوة ، والانفاق
مما رزق الله سبحانه ، والايمان بما انزله على انبيائه ، والايقان بالآخرة ، وقد
وصفهم بانهم على هدى من ربهم فدل ذلك على ان تلبسهم بهذه الصفات الكريمة بسبب
تلبسهم بلباس الهداية من الله سبحانه ، فهم انما صاروا متقين اولي هذه الصفات
بهداية منه تعالى ، ثم وصف الكتاب بانه هدى لهؤلاء المتقين بقوله تعالى : ( ذلك
الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين )
فعلمنا بذلك : ان الهداية غير الهداية ، وان هؤلاء وهم متقون محفوفون بهدايتين ،
هداية اولى بها صاروا متقين ، وهداية ثانية اكرمهم الله سبحانه بها بعد التقوى
وبذلك صحت المقابلة بين المتقين وبين الكفار والمنافقين ، فانه سبحانه يجعلهم في
وصفهم بين ضلالين وعمائين ، ضلال اول هو الموجب لاوصافهم الخبيثة من الكفر والنفاق
، وضلال ثان يتأكد به ضلالهم الاول ، ويتصفون به بعد تحقق الكفر والنفاق كما يقوله
تعالى في حق الكفار : ( ختم الله على قلوبهم
وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة )
البقرة ـ ٧ ، فنسب الختم إلى نفسه تعالى والغشاوة إلى انفسهم ، وكما يقوله في حق
المنافقين : ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) البقرة ـ ١٠ فنسب المرض الاول إليهم
والمرض الثاني إلى نفسه على حد ما يستفاد من قوله تعالى : ( يضل به
كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين ) البقرة ـ ٢٦ ، وقوله تعالى : ( فلما
زاغوا ازاغ الله قلوبهم )
الصف ـ ٥.
وبالجملة المتقون واقعون بين هدايتين ،
كما ان الكفار والمنافقين واقعون بين ضلالين.
ثم ان الهداية الثانية لما كانت بالقرآن
فالهداية الاولى قبل القرآن وبسبب سلامة الفطرة ، فان الفطرة إذا سلمت لم تنفك من
ان تتنبه شاهدة لفقرها وحاجتها إلى امر خارج عنها ، وكذا احتياج كل ما سواها مما
يقع عليه حس أو وهم أو عقل إلى امر خارج يقف دونه سلسلة الحوائج ، فهي مؤمنة مذعنة
بوجود موجود غائب عن الحس منه يبدء الجميع واليه ينتهي ويعود ، وانه كما لم يهمل
دقيقة من دقائق ما يحتاج إليه الخلقة كذلك لا يهمل هداية الناس إلى ما ينجيهم من
مهلكات الاعمال والاخلاق ، وهذا هو
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 44