نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 390
قوله
تعالى : أولئك
يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ،
بيان لجزاء بغي الكاتمين لما أنزله الله من الآيات والهدى ، وهو اللعن من الله ،
واللعن من كل لاعن ، وقد كرر اللعن لان اللعن مختلف فإنه من الله التبعيد من
الرحمة والسعادة ومن اللاعنين سؤاله من الله ، وقد أطلق اللعن منه ومن اللاعنين
وأطلق اللاعنين ، وهو يدل على توجيه كل اللعن من كل لاعن إليهم والاعتبار يساعد
عليه فإن الذي يقصده لاعن بلعنه هو البعد عن السعادة ، ولا سعادة بحسب الحقيقة ،
إلا السعادة الحقيقية الدينية وهذه السعادة لما كانت مبينة من جانب الله ، مقبولة
عند الفطرة ، فلا يحرم عنها محروم إلا بالرد والجحود ، وكل هذا الحرمان إنما هو
لمن علم بها وجحدها عن علم دون من لا يعلم بها ولم تبين له ، وقد أخذ الميثاق على
العلماء أن يبثوا علمهم وينشروا ما عندهم من الآيات والهدى ، فإذا كتموه وكفوا عن
بثه فقد جحدوه فأولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ، ويشهد لما ذكرنا الآية
الآتية : إن الذين
كفروا وماتوا وهم كفار إلى قوله أجمعين الآية
فإن الظاهر أن قوله : ان
للتعليل أو لتأكيد مضمون هذه الآية
، بتكرار ما هو في مضمونها ومعناها وهو قوله : الذين كفروا وماتوا وهم كفار.
قوله
تعالى : إلا
الذين تابوا وبينوا الآية ، استثناء من
الآية السابقة ، والمراد بتقييد توبتهم بالتبين أن يتبين أمرهم ويتظاهروا بالتوبة
، ولازم ذلك أن يبينوا ما كتموه للناس وأنهم كانوا كاتمين والا فلم يتوبوا بعد
لانهم كاتمون بعد بكتمان أنهم كانوا كاتمين.
قوله
تعالى : إن
الذين كفروا وماتوا وهم كفار ،
كناية عن إصرارهم على كفرهم وعنادهم وتعنتهم في قبول الحق فإن من لا يدين بدين
الحق لا لعناد واستكبار بل لعدم تبينه له ليس بكافر بحسب الحقيقة ، بل مستضعف ،
أمره إلى الله ، ويشهد بذلك تقييد كفر الكافرين في غالب الآيات والتكذيب وخاصة في
آيات هبوط آدم المشتملة على أول تشريع شرع لنوع الانسان ، قال تعالى : ( قلنا
اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى )
ـ إلى قوله ـ ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب
النار هم فيها خالدون )
البقرة ـ ٣٩ ، فالمراد بالذين كفروا في الآية هم المكذبون المعاندون ـ وهم
الكاتمون لما أنزل الله ـ وجازاهم الله تعالى بقوله : أولئك عليهم لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين ، وهذا حكم من الله سبحانه أن يلحق بهم كل لعن لعن به ملك
من الملائكة أو أحد من الناس جميعا من غير استثناء ، فهؤلاء سبيلهم سبيل الشيطان ،
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 390