نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 379
له أن يجتلبها
ويضمها إلى نفسه ، والدليل على هذا الوجوب احتياجه في جهات وجوده وتجهيز الخلقة له
بما يقوى به على ذلك ، كجهاز التغذي وجهاز التناسل مثلا ، فعلى الانسان أن يقدم
عليه ، وليس له أن لا يقدم قطعا بالتفريط فإنه يناقض دليل الوجوب الذي ذكرناه ،
وليس له أن يقدم في باب من أبواب الحاجة بما يزيد على اللازم بالافراط ، مثل أن
يأكل حتى يموت ، أو يمرض ، أو يتعطل عن سائر قواة الفعالة ، بل عليه أن يتوسط في
جلب كل كمال أو منفعة ، وهذا التوسط هي العفة ، وطرفاه الشره والخمود ، وكذلك نرى
الفرد في وجوده وبقائه متوسطا بين نواقص وأضداد ومضار لوجوده يجب عليه أن يدفعها ،
والدليل عليه الاحتياج والتجهيز في نفسه فيجب عليه المقاومة والدفاع على ما ينبغي
من التوسط ، من غير إفراط يضاد سائر تجهيزاته أو تفريط يضاد الاحتياج والتجهيز
المربوطين ، وهذا التوسط هي الشجاعة ، وطرفاها التهور والجبن ونظير الكلام جار في
العلم ومقابليه أعني الجربزة والبلادة ، وفي العدالة ومقابليها وهما الظلم
والانظلام.
فهذه أربع ملكات وفضائل يستدعيه الطبيعة
الفردية المجهزة ، بأدواتها : العفة والشجاعة ، والحكمة ، والعدالة ـ وهي كلها
حسنة ـ لان معنى الحسن الملائمة لغاية الشئ وكماله وسعادته ، وهي جميعا ملائمة
مناسبة لسعادة الفرد بالدليل الذي تقدم ذكره ، ومقابلاتها رذائل قبيحة ، وإذا كان
الفرد من الانسان بطبيعته وفي نفسه على هذا الوصف فهو في ظرف الاجتماع أيضا على
هذا الوصف ، وكيف يمكن أن يبطل الاجتماع ـ وهو من أحكام هذه الطبيعة ـ سائر
أحكامها الوجودية ؟ وهل هو إلا تناقض الطبيعة الواحدة ، وليس حقيقة الاجتماع إلا
تعاون الافراد في تسهيل الطريق إلى استكمال طبائعهم وبلوغها إلى غاية أمنيتها ؟
وإذا كان الفرد من الانسان في نفسه وفي
ظرف الاجتماع على هذا الوصف ، فنوع الانسان في اجتماعه النوعي أيضا كذلك ، فنوع
الانسان في اجتماعه يستكمل بالدفاع بقدر ما لا يفسد الاجتماع وباجتلاب المنافع
بقدر ما لا يفسد الاجتماع ، وبالعلم بقدر ما لا يفسد الاجتماع ، وبالعدالة
الاجتماعية ـ وهي إعطاء كل ذي حق حقه ، وبلوغه حظه الذي يليق به دون الظلم
والانظلام ـ وكل هذه الخصال الاربع فضائل بحكم
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 379