نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 351
فهذه معان تعطيها هذه الآيات الشريفة ،
وواضح أنها أحكام تغاير الاحكام الجسمانية ، وتتنافى الخواص المادية الدنيوية من
جميع جهاتها ، فالنفس الانسانية غير البدن.
ومما يدل عليه من الايات قوله تعالى : ( الله
يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل
الاخرى )
الزمر ـ ٤٢ ، والتوفي والاستيفاء هو أخذ الحق بتمامه وكماله ، وما تشتمل عليه
الاية : من الاخذ والامساك والارسال ظاهر في المغايرة بين النفس والبدن.
ومن الآيات قوله تعالى : ( وقالوا
أئذا ضللنا في الارض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون قل يتوفيكم ملك
الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون )
السجدة ـ ١١ ، ذكر سبحانه شبهة من شبهات الكفار المنكرين للمعاد ، وهو انا بعد
الموت وانحلال تركيب أبداننا تتفرق أعضاؤنا ، وتبدد أجزاؤنا ، وتتبدل صورنا فنضل
في الارض ، ويفقدنا حواس المدركين ، فكيف يمكن أن نقع ثانيا في خلق جديد ؟ وهذا
استبعاد محض ، وقد لقن تعالى على رسوله الجواب عنه ، بقوله : قل : يتوفيكم ملك
الموت الذي وكل بكم الاية ، وحاصل الجواب أن هناك ملكا موكلا بكم هو يتوفيكم
ويأخذكم ، ولا يدعكم تضلوا وأنتم في قبضته وحفاظته ، وما تضل في الارض إنما هو
أبدانكم لا نفوسكم التي هي المدلول عليها بلفظ ، كم ، فإنه يتوفيكم.
ومن الآيات قوله تعالى : ( ونفخ فيه
من روحه الاية )
السجدة ـ ٩ ، ذكره في خلق الانسان ثم قال تعالى : ( يسئلونك عن الروح قل
الروح من أمر ربى )
الاسراء ـ ٨٥ ، فأفاد أن الروح من سنخ أمره ، ثم عرف الامر في قوله تعالى : ( إنما أمره
إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ ) يس ـ ٨٣ ، فأفاد أن الروح من الملكوت ،
وأنها كلمة ، كن ، ثم عرف الامر بتوصيفه بوصف آخر بقوله : ( وما أمرنا
إلا واحدة كلمح بالبصر )
القمر ـ ٥٠ ، والتعبير بقوله : كلمح بالبصر يعطي أن الامر الذي هو كلمة ، كن ،
موجود دفعي الوجود غير تدريجية ، فهو يوجد من غير اشتراط وجوده وتقييده بزمان أو
مكان ، ومن هنا يتبين أن الامر ـ ومنه الروح شئ غير جسماني ولا مادي ، فإن
الموجودات المادية الجسمانية من
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 351