نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 35
يرد
الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام )
الانعام ـ ١٢٥. وقوله : ( ثم تلين جلودهم
وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ) الزمر ـ ٢٣. وتعدية قوله تلين بالى
لتضمين معنى مثل الميل والاطمينان ، فهو ايجاده تعالى وصفا في القلب به يقبل ذكر
الله ويميل ويطمئن إليه ، وكما أن سبله تعالى مختلفة ، فكذلك الهداية تختلف
باختلاف السبل التي تضاف إليه فلكل سبيل هداية قبله تختص به.
وإلى هذا الاختلاف يشير قوله تعالى : ( والذين
جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين ) العنكبوت ـ ٦٩. إذ فرق بين ان يجاهد
العبد في سبيل الله ، وبين أن يجاهد في الله ، فالمجاهد في الاول يريد سلامة
السبيل ودفع العوائق عنه بخلاف المجاهد في الثاني فانه إنما يريد وجه الله فيمده
الله سبحانه بالهداية إلى سبيل دون سبيل بحسب استعداده الخاص به ، وكذا يمده الله
تعالى بالهداية إلى السبيل بعد السبيل حتى يختصه بنفسه جلت عظمته.
ورابعها : ان الصراط المستقيم لما كان
أمرا محفوظا في سبل الله تعالى على اختلاف مراتبها ودرجاتها ، صح ان يهدي الله
الانسان إليه وهو مهدي فيهديه من الصراط إلى الصراط ، بمعنى أن يهيه إلى سبيل من
سبله ثم يزيد في هدايته فيهتدي من ذلك السبيل إلى ما هو فوقها درجة ، كما أن قوله
تعالى : إهدنا
الصراط ( وهو تعالى يحكيه عمن هداه بالعبادة )
من هذا القبيل ، ولا يرد عليه : ان سؤال الهداية ممن هو مهتد بالفعل سؤال لتحصيل
الحاصل وهو محال ، وكذا ركوب الصراط بعد فرض ركوبه تحصيل للحاصل ولا يتعلق به سؤال
، والجواب ظاهر.
وكذا الايراد عليه : بأن شريعتنا أكمل
وأوسع من جميع الجهات من شرائع الامم السابقة ، فما معنى السؤال من الله سبحانه أن
يهدينا إلى صراط الذين أنعم الله عليهم منهم؟ وذلك ان كون شريعة اكمل من شريعة امر
، وكون المتمسك بشريعة اكمل من المتمسك بشريعة امر آخر ورائه ، فان المؤمن
المتعارف من مؤمني شريعة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم
( مع كون شريعته اكمل وأوسع ) ليس بأكمل من نوح وابراهيم عليهماالسلام مع كون شريعتهما اقدم وأسبق ، وليس ذلك
إلا ان حكم الشرائع والعمل بها غير حكم الولاية الحاصلة من التمكن فيها والتخلق
بها ، فصاحب مقام التوحيد الخالص وان كان من اهل الشرائع السابقة أكمل وأفضل ممن
لم يتمكن من مقام التوحيد ولم تستقر
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 35