نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 348
قوله : ولا تحسبن الذين قتلوا
في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون
آل عمران ـ ١٦٩ ، والايات في ذلك كثيرة.
ومن اعجب الامر ما ذكره بعض الناس في
الاية : انها نزلت في شهداء بدر ، فهي مخصوصة بهم فقط ، لا تتعداهم إلى غيرهم هذا
، ولقد احسن بعض المحققين : من المفسرين في تفسير قوله : واستعينوا بالصبر
والصلاة الآية ، إذ سئل الله تعالى الصبر على
تحمل أمثال هذه الاقاويل.
وليت شعري ما ذا يقصده هؤلاء بقولهم هذا
؟ وعلى أي صفة يتصورون حيوة شهداء بدر بعد قتلهم مع قولهم : بانعدام الانسان بعد
الموت والقتل ، وانحلال تركيبه وبطلانه ؟ أهو على سبيل الاعجاز : باختصاصهم من
الله بكرامة لم يكرم بها النبي الاكرم وسائر الانبياء والمرسلين والاولياء
المقربين ، إذ خصهم الله ببقاء وجودهم بعد الانعدام ، فليس ذلك بإعجاز بل ايجاد محال
ضروري الاستحالة ، ولا إعجاز في محال ، ولو جاز عند العقل إبطال هذا الحكم على
بداهتها لم يستقم حكم ضروري فما دونه ؟ ام هو على نحو الاستثناء في حكم الحس بان
يكون الحس مخطئا في أمر هؤلاء الشهداء ؟ فهم أحياء يرزقون بالاكل والشرب وسائر
التمتعات ـ وهم غائبون عن الحس ـ وما ناله الحس من أمرهم بالقتل وقطع الاعضاء
وسقوط الحس وانحلال التركيب فقد اخطأ في ذلك من رأس ، فلو جاز على الحس أمثال هذه
الاغلاط فيصيب في شئ ويغلط في آخر من غير مخصص بطل الوثوق به على الاطلاق ، ولو
كان المخصص هو الارادة الالهية احتاج تعلقها إلى مخصص آخر ، والاشكال ـ وهو عدم
الوثوق بالادراك على حاله ، فكان من الجائز أن نجد ما ليس بواقع ، واقعا والواقع
ليس بواقع وكيف يرضى عاقل ان يتفوه بمثل ذلك ؟ وهل هو إلا سفسطة.
وقد سلك هؤلاء في قولهم هذا مسلك العامة
من المحدثين ، حيث يرون أن الامور الغائبة عن حواسنا مما يدل عليه الظواهر الدينية
من الكتاب والسنة ، كالملائكة وارواح المؤمنين وساير ما هو من هذا القبيل موجودات
مادية طبيعية ، وأجسام لطيفة تقبل الحلول والنفوذ في الاجسام الكثيفة ، على صورة
الانسان ونحوه ، يفعل جميع الافعال الانسانية مثلا ، ولها امثال القوى التي لنا
غير أنها ليست محكومة بأحكام
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 348