نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 346
تمتع الغير فالفطرة
الانسانية تأباه ، فلما استشعروا بذلك دعاهم جبر هذا النقص إلى وضع هذه الاوهام
الكاذبة ، التي ليس لها موطن إلا عرصة الخيال وحظيرة الوهم ، قالوا إن الانسان
الحر من رق الاوهام والخرافات يجب عليه أن يفدي بنفسه وطنه ، أو كل ما فيه شرفه ،
لينال الحيوة الدائمة بحسن الذكر وجميل الثناء ، ويجب عليه ان يحرم على نفسه بعض
تمتعاته في الاجتماع ليناله الآخرون ، ليستقيم أمر الاجتماع والحضارة ، ويتم العدل
الاجتماعي فينال بذلك حيوة الشرف والعلاء.
وليت شعري إذا لم يكن إنسان ، وبطل هذا
التركيب المادي وبطل بذلك جميع خواصه ، ومن جملتها الحيوة والشعور ، فمن هو الذي
ينال هذه الحيوة وهذا الشرف ؟ ومن الذي يدركه ويلتذ به ؟ فهل هذا إلا خرافة؟
وثانيا
: ان ذيل الآية ـ وهو قوله تعالى : ولكن
لا تشعرون ، ـ لا يناسب هذا المعنى ، بل كان المناسب له أن يقال : بل أحياء ببقاء
ذكرهم الجميل ، وثناء الناس عليهم بعدهم ، لانه المناسب لمقام التسلية وتطييب
النفس.
وثالثا
: أن نظيرة هذه الآية ـ وهي تفسرها ـ وصف
حيوتهم بعد القتل بما ينافي هذا المعنى ، قال تعالى : ( ولا تحسبن
الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) آل عمران ـ ١٩٦ ، إلى آخر الآيات
ومعلوم أن هذه الحيوة حيوة خارجية حقيقية ليست بتقديرية.
ورابعا
: ان الجهل بهذه الحيوة التي بعد الموت
ليس بكل البعيد من بعض المسلمين في اواسط عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإن الذي هو نص غير قابل للتأويل انما
هو البعث للقيمة ، واما ما بين الموت إلى الحشر ـ وهي الحيوة البرزخية ـ فهي وان
كانت من جملة ما بينه القرآن من المعارف الحقة ، لكنها ليست من ضروريات القرآن ،
والمسلمون غير مجمعين عليه بل ينكره بعضهم حتى اليوم ممن يعتقد كون النفس غير
مجردة عن المادة وان الانسان يبطل وجوده بالموت وانحلال التركيب ، ثم يبعثه الله
إلى القضاء يوم القيمة ، فيمكن ان يكون المراد بيان حيوة الشهداء في البرزخ لمكان
جهل بعض المؤمنين بذلك ، وان علم به آخرون.
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 346