نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 339
فاذكروني
أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ـ
١٥٢.
بيان
لما امتن الله تعالى على النبي
والمسلمين ، بإرسال النبي الكريم منهم إليهم نعمة لا تقدر بقدر ومنحه على منحة ـ
وهو ذكر منه لهم ـ إذ لم ينسهم في هدايتهم إلى مستقيم الصراط ، وسوقهم إلى أقصى
الكمال ، وزيادة على ذلك ، وهو جعل القبلة ، الذي فيه كمال دينهم ، وتوحيد عبادتهم
، وتقويم فضيلتهم الدينية والاجتماعية فرع على ذلك دعوتهم إلى ذكره وشكره ،
ليذكرهم بنعمته على ذكرهم إياه بعبوديته وطاعته ، ويزيدهم على شكرهم لنعمته وعدم
كفرانهم ، وقد قال تعالى : ( واذكر ربك إذا نسيت
وقل عسى أن يهدين ربي لاقرب من هذا رشدا )
الكهف ـ ٢٤. وقال تعالى : ( لان شكرتم لازيدنكم ) إبراهيم ـ ٧. والآيتان جميعا نازلتان
قبل آيات القبلة من سورة البقرة.
ثم إن الذكر ربما قابل الغفلة كقوله
تعالى ( وتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ) الكهف ـ ٢٨ ، وهي انتفاء العلم بالعلم
، مع وجود أصل العلم ، فالذكر خلافه ، وهو العلم بالعلم ، وربما قابل النسيان وهو
زوال صورة العلم عن خزانة الذهن ، فالذكر خلافه ، ومنه قوله تعالى ( واذكر ربك
إذا نسيت الآية ).
وهو حينئذ كالنسيان معنى ذو آثار وخواص تتفرع عليه ، ولذلك ربما أطلق الذكر
كالنسيان في موارد تتحقق فيها آثارهما وإن لم تتحقق أنفسهما ، فإنك أذا لم تنصر
صديقك ـ وأنت تعلم حاجته إلى نصرك فقد نسيته ، والحال أنك تذكره ، وكذلك الذكر.
والظاهر أن إطلاق الذكر على الذكر
اللفظي من هذا القبيل ، فإن التكلم عن الشئ من آثار ذكره قلبا ، قال تعالى ( قل سأتلوا
عليكم منه ذكرا )
الكهف ـ ٨٣. ونظائره كثيرة ، ولو كان الذكر اللفظي أيضا ذكرا حقيقة فهو من مراتب
الذكر ، لانه مقصور عليه ومنحصر فيه ، وبالجملة : الذكر له مراتب كما قال تعالى : ( ألا بذكر
الله تطمئن القلوب )
الرعد ـ ٢٨ ، وقال ( واذكر ربك في نفسك
تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول )
الاعراف ـ ٢٠٥ ، وقال تعالى ( فاذكروا الله كذكركم
آباءكم أو أشد
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 339