نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 284
على أن هنا نظرا أدق من ذلك ، وهو ان
الذي ينسب إلى الانسان ويعد اختياريا له ، هو الافعال ، وأما الصفات والملكات
الحاصلة من تكرر صدورها فليست اختيارية بحسب الحقيقة ، فمن الجائز أو الواجب ان
ينسب إليه تعالى ، وخاصة إذا كانت من الحسنات والخيرات التي نسبتها إليه تعالى ،
أولى من نسبتها إلى الانسان ، وعلى ذلك جرى ديدن القرآن ، كما في قوله تعالى : ( رب اجعلني
مقيم الصلوة ومن ذريتي )
إبراهيم ـ ٤٠ ، وقوله تعالى : ( وألحقني بالصالحين ) الشعراء ـ ٨٣ ، وقوله تعالى : ( رب أوزعني
أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي ، وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضيه ) النمل ـ ١٩ ، وقوله تعالى : ( ربنا
واجعلنا مسلمين لك الآية ) ، فقد ظهر ان المراد بالاسلام غير
المعنى الذي يشير إليه قوله تعالى : ( قالت الاعراب آمنا قل
لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم ) الحجرات ـ ١٤ ، بل معنى أرقي وأعلى منه
سيجئ بيانه.
قوله
تعالى :وأرنا مناسكنا وتب علينا. انك أنت التواب
الرحيم ، يدل على ما مر من معنى الاسلام أيضا ،
فأن المناسك جمع منسك بمعنى العبادة ، كما في قوله تعالى : ( ولكل امة
جعلنا منسكا )
الحج ـ ٣٤ ، أو بمعنى المتعبد ، أعني الفعل المأتي به عبادة وإضافة المصدر يفيد
التحقق ، فالمراد بمناسكنا هي الافعال العبادية الصادرة منهما والاعمال التي
يعملانها دون الافعال ، والاعمال التي يراد صدورها منهما ، فليس قوله : أرنا بمعنى
علمنا أو وفقنا ، بل التسديد بارائة حقيقة الفعل الصادر منهما ، كما أشرنا إليه في
قوله تعالى : ( وأوحينا إليهم فعل الخيرات ، وإقام الصلوة
وإيتاء الزكوة )
الانبياء ـ ٧٣ ، وسنبينه في محله : ان هذا الوحي تسديد في الفعل ، لاتعليم للتكليف
المطلوب ، وكأنه إليه الاشارة بقوله تعالى : ( واذكر عبادنا إبراهيم
، وإسحق ، ويعقوب ، أولي الايدي والابصار. انا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ) ص ـ ٤٦.
فقد تبين ان المراد بالاسلام والبصيرة
في العبادة ، غير المعنى الشائع المتعارف ، وكذلك المراد بقوله تعالى : وتب علينا
، لان إبراهيم وإسماعيل كانا نبيين معصومين بعصمة الله تعالى ، لا يصدر عنهما ذنب
حتى يصح توبتهما منه ، كتوبتنا من المعاصي
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 284