نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 277
قوله : إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل
أن يتخذه نبيا ، يستفاد ذلك من قوله تعالى : ( ولقد آتينا إبراهيم
رشده من قبل وكنا به عالمين ـ إلى قوله ـ من الشاهدين ) الانبياء ـ ٥٦ ، وهو اتخاذ بالعبودية
في أول أمر إبراهيم.
واعلم ان اتخاذه تعالى أحدا من الناس
عبدا غير كونه في نفسه عبدا ، فإن العبدية من الوازم الايجاد والخلقة ، لا ينفك عن
مخلوق ذي فهم وشعور ، ولا يقبل الجعل والاتخاذ وهو كون الانسان مثلا مملوك الوجود
لربه ، مخلوقا مصنوعا له ، سواء جرى في حيوته على ما يستدعيه مملوكيته الذاتية ،
واستسلم لربوبية ربه العزيز ، أو لم يجر على ذلك ، قال تعالى : ( إن كل من
في السموات والارض إلا آتي الرحمن عبدا )
مريم ـ ٩٤ ، وإن كان إذا لم يجر على رسوم العبودية وسنن الرقية استكبارا في الارض
وعتوا كان من الحري أن لا يسمى عبدا بالنظر إلى الغايات ، فإن العبد هو الذي أسلم
وجه لربه ، وأعطاه تدبير نفسه ، فينبغي أن لا يسمى بالعبد إلا من كان عبدا في نفسه
وعبدا في عمله ، فهو العبد حقيقة ، قال تعالى : ( وعباد الرحمن الذين
يمشون على الارض هونا )
الفرقان ـ ٦٣. وعلي هذا فاتخاذه تعالى إنسانا عبدا ـ وهو قبول كونه عبدا والاقبال
عليه بالربوبية ـ هو الولاية وهو تولي أمره كما يتولى الرب أمر عبده ، والعبودية
مفتاح للولاية ، كما يدل عليه قوله تعالى : ( قل إن وليي الله الذي
نزل الكتاب بالحق ، وهو يتولى الصالحين )
الاعراف ـ ١٩٦ ، أي اللائقين للولاية ، فأنه تعالى سمى النبي في آيات من كتابه
بالعبد ، قال تعالى : ( الذي أنزل على عبده
الكتاب )
الكهف ـ ١ ، وقال تعالى : ( ينزل على عبده آيات
بينات )
الحديد ـ ٩ ، وقال تعالى : ( قام عبد الله يدعوه ) الجن ـ ١٩ ، فقد ظهر أن الاتخاذ
للعبودية هو الولاية.
وقوله عليهالسلام
: وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا ، الفرق بين النبي الرسول على ما يظهر
من الروايات المروية عن أئمة أهل البيت : أن النبي هو الذي يرى في المنام ما يوحي
به إليه ، والرسول هو الذي يشاهد الملك فيكلمة ، والذي يظهر من قصص إبراهيم هو هذا
الترتيب ، قال تعالى : ( واذكر في الكتاب
ابراهيم انه كان صديقا نبيا ، إذ قال لابيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ، ولا يبصر
، ولا يغني عنك شيئا )
مريم ـ ٤٢ ، فظاهر الآية أنه عليهالسلام
كان صديقا نبيا حين يخاطب أباه بذلك ، فيكون هذا تصديقا لما أخبر به ابراهيم عليهالسلام في أول وروده على قومه : ( انني
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 277