نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 273
الاية ) فبين ان الملاك في ذلك صبرهم في جنب
الله ـ وقد أطلق الصبر ـ فهو في كل ما يبتلي ويمتحن به عبد في عبوديته ، وكونهم
قبل ذلك موقنين ، وقد ذكر في جملة قصص إبراهيم عليهالسلام
قوله : ( وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والارض
وليكون من الموقنين )
الانعام ـ ٧٥ ، والآية كما ترى تعطي بظاهرها : أن إرائة الملكوت لابراهيم كانت
مقدمة لافاضة اليقين عليه ، ويتبين به أن اليقين لا ينفك عن مشاهدة الملكوت كما هو
ظاهر قوله تعالى : ( كلا لو تعلمون علم
اليقين لترون الجحيم )
التكاثر ـ ٦ وقوله تعالى : ( كلا بل ران على
قلوبهم ما كانوا يكسبون ، كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ـ إلى أن قال ـ كلا إن
كتاب الابرار لفي عليين ، وما أدريك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون ) المطففين ـ ٢١ ، وهذه الآيات تدل على
ان المقربين هم الذين لا يحجبون عن ربهم بحجاب قلبي وهو المعصية والجهل والريب
والشك ، فهم أهل اليقين بالله ، وهم يشهدون عليين كما يشهدون الجحيم.
وبالجملة فالامام يجب أن يكون إنسانا
ذايقين مكشوفا له عالم الملكوت ـ متحققا بكلمات من الله سبحانه ـ وقد مر أن
الملكوت هو الامر الذي هو الوجه الباطن من وجهي هذا العالم ، فقوله تعالى : يهدون
بأمرنا ، يدل دلالة واضحة على أن كل ما يتعلق به أمر الهداية ـ وهو القلوب
والاعمال ـ فللامام باطنه وحقيقتة ، ووجهه الامري حاضر عنده غير غائب عنه ، ومن
المعلوم أن القلوب والاعمال كسائر الاشياء في كونها ذات وجهين ، فالامام يحضر عنده
ويلحق به أعمال العباد ، خيرها وشرها ، وهو المهيمن على السبيلين جميعا ، سبيل
السعادة وسبيل الشقاوة. وقال تعالى أيضا : ( يوم ندعوا كل اناس
بإمامهم )
الاسراء ـ ٧١ ، وسيجئ تفسيره بالامام الحق دون كتاب الاعمال ، على ما يظن من
ظاهرها ، فالامام هو الذي يسوق الناس إلى الله سبحانه يوم تبلى السرائر ، كما أنه
يسوقهم إليه في ظاهر هذه الحيوة الدنيا وباطنها ، والآية مع ذلك تفيد أن الامام لا
يخلو عنه زمان من الازمنة ، وعصر من الاعصار ، لمكان قوله تعالى كل اناس ، على ما
سيجئ في تفسير الآية من تقريبه.
ثم إن هذا المعنى أعني الامامة ، على
شرافته وعظمته ، لا يقوم إلا بمن كان سعيد الذات بنفسه ، إذ الذي ربما تلبس ذاته
بالظلم والشقاء ، فإنما سعادته بهداية من غيره ، وقد قال الله تعالى : ( أفمن يهدي
إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدي )
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 273